للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والراجح عند الحنابلة: أنه تسقط البينتان ويقترع المدعيان على اليمين كما لو لم تكن بينة، فمن خرجت له قرعته حلف، وأخذ العين (١).

وقال الحنفية في الجملة: يقضى بالشيء بينهما نصفين إلا أن يكون تاريخ أحدهما أسبق، فيقضى له به، وتفصيله في الصور الأربعة الآتية (٢):

١ و ٢ ـ إذا كانت الدعوى من الخارجين، وقامت البينتان على ملك مطلق، بلا تاريخ أو تاريخهما سواء، والشيء في يد ثالث: فيقضى به بينهما نصفين، عملاً بالبينتين بقدر الإمكان (٣)، صيانة لهما عن الإلغاء؛ لأن العمل بالدليل واجب بالقدر الممكن، أي أنه إذا تعذر العمل بالبينتين في كل الشيء المتنازع فيه، أمكن العمل بهما في بعض الشيء، فيقضى لكل واحد منهما بالنصف؛ لأنهما تساويا في الدعوى، فيتساويان في القسمة.

ويؤيده «أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم في بعير، وأقام كل واحد منهما البينة أنه له، فقضى رسول الله صلّى الله عليه وسلم به بينهما نصفين» (٤).


(١) المغني: ٢٨٧/ ٩.
(٢) تكملة فتح القدير: ٢١٧/ ٦، البدائع: ٢٣٦/ ٦، الدر المختار: ٤٦٥/ ٤، اللباب شرح الكتاب: ٣٢/ ٤.
(٣) لكن إن ادعى اثنان نكاح امرأة، وأقاما البينة على ذلك، لم يقض بواحدة من البينتين لعدم أولوية إحداهما، وتعذر الحكم بهما لعدم قبول المحل اشتراكهما، ويرجع إلى تصديق المرأة لأحدهما، إذا لم تؤقت البينتان وقتاً للزواج، فأما إذا وقتتا، فصاحب الوقت الأول أولى. وإن أقرت المرأة لأحدهما قبل إقامة البينة، فهي امرأته لتصادقهما على الزواج، والزواج مما يحكم به بتصادق الطرفين. فإن أقام الآخر البينة على الزواج، قضي بها لأن البينة أقوى من الإقرار. (اللباب شرح الكتاب: ٤/ ٣٢).
(٤) أخرجه أبو داود والنسائي وأحمد والحاكم والبيهقي عن أبي موسى الأشعري بلفظ ((أن رجلين ادعيا بعيراً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعث كل واحد منهما بشاهدين، فقسمه النبي صلى الله عليه وسلم بينهما نصفين)) ورواه الطبراني في الكبير عن جابر بن سمرة، وفيه متروك (نصب الراية: ١٠٩/ ٤، نيل الأوطار: ٢٠٠/ ٨، الإلمام: ص٥٢٢، سبل السلام: ١٣/ ٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>