للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي تساقطتا وبطلتا لتعارضهما وتناقض موجبهما، كتعارض الدليلين دون مرجح لأحدهما، فيقضى ببقاء الدار في يدهما، كما كانت قضاء ترك، إذ ليس أحدهما أولى بها من الآخر. وفي قول: يقرع بينهما كما أشرت سابقاً.

وقال الحنابلة: إذا تنازع رجلان في عين في أيديهما، وأقام كل واحد منهما بينة، وتساوت البينتان، تعارضتا، وقسمت العين بينهما نصفين، لما روى أبو موسى رضي الله عنه: «أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم في بعير فأقام كل واحد منهما شاهدين، فقضى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالبعير بينهما نصفين» رواه أبو داود، ولأن كل واحد من المتنازعين يعد بالنسبة لما في يده داخلاً في نصف الشيء، وخارجاً عن النصف الآخر (١) وقد عرفنا أنه يقضى ببينة الخارج؛ لأنه هو المدعي.

وقال الحنفية في الجملة: يقضى بالشيء بين صاحبي اليد نصفين، إلا أن تكون بينة أحدهما أسبق تاريخاً من بينة الآخر، وتفصيله فيما يأتي (٢).

١ - إن أقام كل واحد من صاحبي اليد بينة أن الشيء له: فإنه يقضى لكل واحد منهما بالنصف الذي في يد صاحبه؛ لأنه كما ذكر عند الحنابلة يعتبر خارجاً بالنسبة لذلك النصف، والخارج: هو المدعي، وهوالذي تقبل بينته، وأما النصف الذي في يده فيترك في يده قضاء ترك، وعلى هذا فكأن الدار الواحدة بمنزلة دارين، في يد كل واحد منهما دار، وكل واحد منهما يدعيها، فكان كل واحد منهما مدعياً لما في يد صاحبه، فعليه البينة، ومنكر الدعوى: صاحبه بالنسبة لما في يده.


(١) المغني: ٢٨٠/ ٩ وما بعدها.
(٢) البدائع: ٢٤٠/ ٦ ومابعدها، تكملة فتح القدير: ٢٤٨/ ٦ ومابعدها، المبسوط: ٣٢/ ١٧، الدر المختار: ٤٦٠/ ٤، الكتاب مع اللباب: ٣٢/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>