للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والسارق ونحوهم، وكذا مجهول الحال، وروي عن أبي يوسف: أن الفاسق إذا كان وجيهاً في الناس، ذا مروءة، تقبل شهادته؛ لأنه لا يستأجر لشهادة الزور لوجاهته، ويمتنع عن الكذب لمروءته. وقال جمهور الحنفية: لا تقبل شهادة الفاسق مطلقاً، إلا أن القاضي لو قضى بشهادة الفاسق نفذ قضاؤه، ويكون القاضي عاصياً.

والعدالة: لغة التوسط، وشرعاً: اجتناب الكبائر وعدم الإصرار على الصغائر. والحقيقة أن اجتناب الكبائر كلها هو شرط لصحة الشهادة، وبعد توقيها يلاحظ الشأن الغالب، فمن كثرت معاصيه أثَّر ذلك في شهادته، ومن ندرت منه المعصية قبلت شهادته. وهذا هو حد العدالة المعتبرة، حتى لا يترتب على التشدد سد باب الشهادة وإماتة الحقوق.

وضابط عدالة الشاهد في مذهب الشافعية: أن يكون مجتنباً الكبائر، وغير مصر على الصغائر، وسليم السريرة أي العقيدة، ومأموناً عند الغضب، ومحافظاً على مروءة مثله.

واكتفى أبو حنيفة بظاهر العدالة في المسلم، ولا يسأل عن الشهود، حتى يطعن الخصم بها إلا في الحدود والقصاص، فإنه يسأل عن الشهود، وإن لم يطعن فيهم الخصوم، ودليله على الاكتفاء بظاهر العدالة قوله صلّى الله عليه وسلم: «المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا محدوداً في قذف» (١) ومثله مروي عن عمر رضي الله عنه (٢). وأما دليله على استثناء الحدود والقصاص، فهو أن القاضي يتحايل


(١) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ولفظه: «إلا محدوداً في فرية» (نصب الراية: ٨١/ ٤).
(٢) رواه الدارقطني عن أبي المليح الهذلي، وهو في كتاب عمر المشهور إلى أبي موسى الأشعري (نصب الراية، المرجع السابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>