للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباقين، إلا إذا قضى الدين الذي استقرضه في مرضه، أو نقد ثمن ما اشتراه أثناء مرضه.

فإذا قضيت ديون الصحة والديون المعروفة الأسباب، وفضل شيء عنها، كان ذلك الفاضل مصروفاً فيما أقر به حال المرض؛ لأن الإقرار في ذاته صحيح، لكنه لم ينفذ في حق غرماء الصحة، فإذا لم يبق لهم حق ظهرت صحته.

وإن لم يكن على المريض ديون في صحته: جاز إقراره؛ لأنه لم يتضمن إبطال حق الغير، وكان المقر له أولى من الورثة؛ لأن قضاء الدين مقدم على حقوق الورثة. هذا هو مذهب الحنفية (١).

وقال جمهور الفقهاء: دين الصحة ودين المرض يتساويان، فلا يقدم دين الصحة على دين المرض؛ لأنهما حقان يجب قضاؤهما من رأس المال ولم يختص أحدهما برهن، فاستويا كما لو ثبتا ببينة، أي أنهما يستويان لاستواء سببهما وهو الإقرار الصادر عن كامل الأهلية، بل إن الباعث على صدق المقر حال المرض أقوى منه حال الصحة؛ لأن المرض سبب التورع عن المعاصي والتوبة عما جرى في الماضي (٢).

ومنشأ الخلاف بين الحنفية وغيرهم في دين الصحة والمرض هو القاعدة السابقة التي ذكرها الزنجاني، فعند الشافعي ومن وافقهم يتساوى إقرار الصحة وإقرار المرض في استحقاق الغرماء من التركة؛ إذ الإقرار مشروع في حالتي الصحة والمرض، ولا تعتبر التهمة في الأحكام. وقال الحنفية: إن الإقرار حال


(١) راجع البدائع: ٢٢٥/ ٧، اللباب شرح مختصر القدوري: ٨٤/ ٢ وما بعدها، تكملة فتح القدير: ٢٠/ ٧ وما بعدها، تبيين الحقائق: ٢٣/ ٥ وما بعدها، الدر المختار: ٤٨٢/ ٤.
(٢) مغني المحتاج: ٢٤٠/ ٢، المغني: ١٩٧/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>