للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرآن والسنة على ألا يتعارض الرأي المقول به مع النصوص المحكمة أو الأدلة القطعية، وأن يتفق الحكم المقرر مع روح الإسلام ومقاصد الشريعة الإسلامية، وهذا تطبيق لقوله تعالى: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، ذلك خير وأحسن تأويلاً} [النساء:٥٩/ ٤].

ويتحدد الذين يفصلون في النزاع في صورة هيئة تحكيم أو محكمة دستورية عليا (١)، يختارهم أولو الأمر بالنيابة عن الأمة من العلماء المختصين في موضوع النزاع، ممن اشتهروا بالعلم والمعرفة ورجاحة العقل والعدالة والتقوى والمروءة، كما حصل في تحكيم بعض أهل الشورى الذين اختارهم بعض الخلفاء الراشدين وهو عمر رضي الله عنه للترشيح لمنصب الخلافة، وإتمام البيعة للمرشح من سائر الناس.

ويؤخذ في التصويت برأي الأكثرية أو الأغلبية، عملاً برأي جماعة من الفقهاء القائلين بأن اتفاق أكثر المجتهدين حجة، وإن لم يكن إجماعاً؛ لأن الخلافة لا يشترط فيها الإجماع، ولقول النبي صلّى الله عليه وسلم: «يد الله مع الجماعة» «عليكم بالجماعة والعامة» «اتبعوا السواد الأعظم» (٢) هذا ما لم يتبين للإمام الأعظم رجحان رأي الأقلين بدليل أوضح، أو لمصلحة أنسب، وإلا اتبع رأي أهل الشورى وهو معنى (العزم) في آية: {وشاورهم في الأمر} [آل عمران:١٥٩/ ٣] أي (مشاورة أهل الرأي ثم اتباعهم) كما قال النبي صلّى الله عليه وسلم، وقال لأبي بكر وعمر مستشاريه: «لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما» (٣)، وكما أبان عمر للرهط الستة في كيفية


(١) منهاج الإسلام في الحكم لمحمد أسد: ص ١٢٥ وما بعدها.
(٢) حديث «يد الله مع الجماعة» رواه الترمذي عن ابن عمر، ورواه النسائي والطبراني عن عرفجة، وحديث «فعليكم بالجماعة» رواه أحمد، ورفعه الطبراني في الكبير عن ابن عمر، وحديث «عليكم بالسواد الأعظم» رواه عبد بن حميد وابن ماجه عن أنس.
(٣) تفسير ابن كثير: ٤٢٠/ ١، ط الحلبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>