للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السمع والطاعة فيما أحب أو كره، إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة» (١).

ولا يجوز الخروج عن الطاعة بسبب أخطاء غير أساسية لا تصادم نصاً قطعياً، سواء أكانت باجتهاد، أم بغير اجتهاد، حفاظاً على وحدة الأمة وعدم تمزيق كيانها أو تفريق كلمتها، قال عليه الصلاة والسلام: «ستكون هَنَات وهنات ـ أي غرائب وفتن وأمور محدثات ـ فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع، فاضربوه بالسيف كائناً من كان» وقال عليه السلام أيضاً: «من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد، يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه» «أيما رجل خرج يفرق بين أمتي فاضربوا عنقه» (٢) رواهما مسلم عن عرفجة.

وبديهي أن الطاعة بقدر الاستطاعة لقوله تعالى: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} [البقرة:٢٨٦/ ٢] وقال ابن عمر رضي الله عنه: «كنا إذا بايعنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم على السمع والطاعة يقول لنا: فيما استطعتم» (٣).

وإذا أخطأ الحاكم خطأ غير أساسي لا يمس أصول الشريعة وجب على الرعية تقديم النصح له باللين والحكمة والموعظة الحسنة، قال عليه الصلاة والسلام: «الدين النصيحة قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم» (٤) وقد حض رسول الله صلّى الله عليه وسلم على إسداء النصح والمجاهرة بقول


(١) رواه أحمد وأصحاب الكتب الستة عن ابن عمر، ويلاحظ أن أحاديث الطاعة في غير معصية رويت بألفاظ: منها ما رواه الشيخان وأبو داود والنسائي عن علي: «لا طاعة لأحد في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف» ومنها ما رواه أحمد والحاكم عن عمران والحكم بن عمرو الغفاري: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق».
(٢) وانظر أحاديث لزوم الجماعة والنهي عن الخروج عن الأمة وقتالهم في مجمع الزوائد: ٢٢٢/ ٥ وما بعدها. وحديث «من أتاكم .. » رواه مسلم عن عرفجة بن شريح (شرح مسلم: ٢٤٢/ ٢).
(٣) رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن ابن عمر (جامع الأصول: ١٦٨/ ١).
(٤) رواه مسلم عن أبي رقية تميم بن أوس الداري.

<<  <  ج: ص:  >  >>