للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سفر أو مرض، وينكر المجاهرة بالإفطار لئلا يعرض المفطر نفسه للتهمة، ولئلا يقتدي به من ذوي الجهالة ممن لا يقدر العذر.

ويجبي الزكاة جبراً من الممتنع عن أدائها من الأموال الظاهرة، ويعزره على الخيانة بغير عذر. وينكر على المقصر بأداء الزكاة عن الأموال الباطنة، ويؤدبه إن ثبت تقصيره.

كذلك ينكر التسول (السؤال) من غير حاجة، ويؤدب الغني بمال أو عمل، وينكر أيضاً تصدي الجهلة لإفتاء الناس بعلم الشرع، ويمنعهم من ذلك منعاً من التغرير والفتنة والإيقاع في الضلالة.

الثاني ـ المحظورات: وهي التي نهى عنها الله ورسوله. ووظيفة المحتسب: أن يمنع الناس من مواقف الريب ومظان التهمة، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (١) فيقدم الإنكار ولا يعجل بالتأديب، مثل اختلاط النساء بالرجال في المساجد والطرقات والأماكن العامة. والمجاهرة بإظهار الخمر والمسكرات، أو الملاهي المحرمة، فيريق المسكرات على المسلم، ويؤدب الذمي على إظهارها، ويفك أدوات الملاهي حتى تصير خشباً، ويؤدب المجاهر بها، ولا يكسرها إن صلح خشبها للانتفاع به لغير الملاهي.

وأما ما لم يظهر من المحظورات فليس للمحتسب أن يتجسس عنها، ولا أن يهتك الأستار حذراً من الاستتار بها، قال النبي صلّى الله عليه وسلم: «من أتى من هذه القاذورات شيئاً، فليستتر بستر الله، فإن من يبد لنا صفحته، نقم حد الله تعالى عليه» (٢).


(١) رواه الترمذي والنسائي عن الحسن بن علي رضي الله عنهما، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(٢) ذكره الماوردي في الأحكام السلطانية: ص ٢٥٢. وأخرج الترمذي وابن ماجه والحاكم عن علي رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «من أصاب حداً فعُجِّل عقوبته في الدنيا فالله أعدل من أن يثنّي على عبده العقوبة في الآخرة، ومن أصاب حداً فستره الله عليه وعفا عنه، فالله أكرم من أن يعود في شيء قد عفا عنه».

<<  <  ج: ص:  >  >>