الدائنين) فأجازه صاحبا أبي حنيفة إذا كانت ديونه مستغرقة أمواله، أو كان يماطل في الوفاء بديونه. وأفتى به متأخرو الحنفية سداً للذرائع، أي حماية لمصلحة الدائنين من تصرفات المدين التي تضر بحقوقهم، وعملاً بقوله صلّى الله عليه وسلم:«لي الواجد يحل عرضه وعقوبته».
وأيد الحجر فقهاء المالكية والمتأخرون من فقهاء المذهب الحنبلي استحساناً. ووافق الإمام الشافعي على جواز الحجر على المدين إذا كانت ديونه مستغرقة. وأما في حالة مماطلته فلا يرى لزوماً له؛ لأن القاضي يستطيع الحكم عليه ببيع أمواله جبراً عنه، وإيفاء ديونه من ثمنها.
ولا حجر على المدين المعسر، كما لا حبس عليه كما سبق. وأما بيع مال المدين جبراً عنه فهو جائز عند الفقهاء الذين أجازوا الحجر عليه في الحالتين السابقتين.
فقد أجاز صاحبا أبي حنيفة بيع أموال المدين إذا قرر القاضي الحجر عليه، ولم يجد مسوغاً لتأجيل البيع، أو متى طلب الدائنون ابتدءً ذلك، وأبدوا أسباباً معقولة لطلبهم. ويقسم الثمن بين الدائنين قسمة غرماء.
ووافق المالكية على رأي الصاحبين، وأجاز الشافعي والحنابلة بيع المال ابتداء للمدين الموسر دون حجر عليه.
ويتم البيع في جميع الأحوال بمعرفة القاضي وبحضور الدائنين والمدين وفي سوق السلعة، أو في غير سوقها بثمن المثل، وبالمزاد العلني للوصول إلى أعلى سعر ممكن.
هذه هي أهم قواعد نظام القضاء في الإسلام، أوجزتها في بحث نظام الحكم في الإسلام، وقد كنت فصَّلت الكلام في القضاء وطرق إثبات الحق في الباب الخامس المتقدم.