للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وما جعلناهم جسداً لا يأكلون الطعام وماكانوا خالدين} [الأنبياء:٨/ ٢١]. فإذا عدم المادة التي هي قوام نفسه لم تدم له حياة، ولم تستقم له دنيا، وإذا تعذر شيء منها عليه لحقه من الوهن في نفسه والاختلال في دنياه بقدر ما تعذر من المادة عليه؛ لأن الشيء القائم بغيره يكمل بكماله، ويختل باختلاله) (١).

وقد أطلق القرآن للإنسان حرية الاستمتاع بالطيبات المباحة، قال تعالى: {كلوا من طيبات ما رزقناكم} [طه:٨١/ ٢٠] {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم} [المائدة:٨٧/ ٥].

ويعبر الفقهاء عن واجب الدولة بتأمين العاجزين عن العمل بدفع ضرر المسلمين إلى حد الكفاية، قال النووي: (من فروض الكفاية: دفع ضرر المسلمين ككسوة عار، وإطعام جائع إذا لم يندفع بزكاة وبيت مال) وتساءل شارح المنهاج (هل يكفي سد الضروة، أم يجب تمام الكفاية التي يقوم بها من تلزمه النفقة؟ قال: فيه وجهان: قيل: ما يسد الرمق، والأوجه ما يحقق الكفاية) (٢). وقال ابن حزم: (فرض على الأغنياء من كل بلد أن يقوموا بفقرائها، ويجبرهم السلطان على ذلك إن لم تقم الزكوات بهم، ولا في سائر أموال المسلمين، فيقام لهم بما يأكلون من القوت الذي لا بد منه، ومن اللباس في الشتاء والصيف بمثل ذلك، وبمسكن يكنّهم من المطر والصيف والشمس وعيون المارة) (٣).

فعلى الحاكم إذن تحقيق العدالة الاجتماعية بين الفقراء والأغنياء رعاية للمصلحة العامة، وله أن يتوصل لهذه الغاية بما يفرضه من تكاليف وضرائب على


(١) أدب الدنيا والدين مع شرحه: ص ٣٦٣.
(٢) المنهاج مع مغني المحتاج: ٢١٢/ ٤.
(٣) المحلى: ٤٥٢/ ٦، م ٧٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>