وإن كان الجزء المنفصل أكبر من الأصل أو مساوياً له، فيمكن اعتباره (دولة إسلامية)(١) إذا توافرت جميع عناصر الدولة من شعب وإقليم وسلطة أو سيادة، ولكنها لا تمثل (الدولة الإسلامية) بمفهومها العام، لعدم وجود وحدة السيادة على جميع أنحاء البلاد، كما تقضي بذلك مبادئ الإسلام.
وفي الماضي شهدت البلاد تجزئة سياسية من هذا النوع، لا سيما عند إحياء الخلافة الأموية في الأندلس سنة (٣٠٠ هـ)، بعد أن كان أمراء بني أمية فيها يلقبون أنفسهم بلقب (الأمير) أو نحوه. وحينئذ أصبح في العالم الإسلامي في ذلك الوقت ثلاث خلافات: الخلافة العباسية في بغداد، والخلافة الفاطمية في المهدية بتونس، والخلافة الأموية في قرطبة.
١٠٦ - والفقهاء وإن كانوا متبرمين بهذا الانقسام ويعتبرون الأمويين في الأندلس والأدارسة في المغرب الأقصى بغاة يحاربون، فإنهم في الواقع لم يحكموا بزوال الصفة الإسلامية عن الأجزاء المنفصلة، وإنما هي بلاد إسلام، لأن البغاة ليسوا كفاراً، وإنما يطبقون الأحكام الشرعية مع تأويل بعضها. وحينئذ يمكن وصف كل حكومة من الحكومات القائمة فيها بأنها (دولة إسلامية) ينقصها الانضمام مع بعضها وتكوين الوحدة المنشودة التي كانت قائمة في القرون الثلاثة الهجرية الأولى التي وصفها الرسول صلّى الله عليه وسلم بأنها (خير القرون).
ولكن الذي لا شك فيه أنه نجم عن هذا الانقسام السياسي ضعف الدولة الإسلامية وزوالها التدريجي لفقدانها قوة الوحدة وتعاون الجماعة.