للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف السلف وأئمة المذاهب في تعيين المراد بغيرأولي الإربة من الرجال، فقال ابن عباس: هو المخنث: الذي لا يقوم عليه آلة. وقال مجاهد وقتادة: الذي لا أرب له في النساء.

وذهب الشافعية إلى أن المخنث: وهو المتشبه بالنساء، والمجبوب: وهو مقطوع الذكر فقط، والخصي: وهو من بقي ذكره دون أنثييه، والخنثى المشكل، حكمهم حكم الرجل العادي.

ومذهب الحنفية كالشافعية في المخنث: لا يجوز له النظر، بدليل ما روته عائشة، قالت: كان يدخل على أزواج النبي صلّى الله عليه وسلم مخنث، فكانوا يعدونه من غير أولي الإربة، قالت: فدخل رسول الله صلّى الله عليه وسلم ذات يوم، وهو ينعت امرأة، قال: إذا أقبلت أقبلت بأربع، وإذا أدبرت أدبرت بثمان، فقال: أرى هذا يعرف ما ههنا، لا يدخل عليكن، فحجبوه (١).

هذا يدل على أن النبي حظر دخول المخنث على نسائه؛ لأنه وصف امرأة أجنبية بحضرة الرجال الأجانب، وقد نهى الرجل أن يصف امرأته لغيره (٢)، فكيف إذا وصفها غيرهُ من الرجال؟!.


(١) أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي وغيرهم (نيل الأوطار: ١١٥/ ٦) والمراد بالأربع: طيات البطن من كثرة السمن، ولكل طية طرفان، فإذا رآهن الرائي من جهة البطن وجدهن أربعاً، وإذا رآهن من جهة الظهر وجدهن ثماني. والمقصود أنه وصفها بأنها مملوءة البدن بحيث يكون لبطنها طيات، وذلك لا يكون إلا للسمينة من النساء، وجرت عادة الرجال غالباً في الرغبة فيمن تكون بتلك الصفة.
والمخنث: هو الذي يلين في قوله، ويتكسر في مشيته، ويتثنى فيها كالنساء، وقد يكون خلقة، وقد يكون تصنعاً من الفسقة، ومن كان ذلك فيه خلقة، فالغالب من حاله أنه لا أرب له في النساء.
(٢) روى البخاري ومسلم (الشيخان) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لا تباشر المرأة ُالمرأةَ، فتصفها لزوجها، كأنه ينظر إليها» (رياض الصالحين: ص ٥٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>