للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتصادم الأدلة، ليس دليل النقص، ولكنه دليل الكمال في العقل، فهو لايهجم باليقين في مقام الظن، ودليل على كمال الإخلاص في طلب الحق والقصد، فهو لايجزم بالحكم إلا إذا توافرت لديه أسباب الترجيح، وإن لم تتوافر الأسباب لذلك، ألقى بتردده (١).

وعلى المفتي إذا وجد قولين للشافعي أن يختار مارجحه المخرجون السابقون (٢)، وإلا توقف كما يقول النووي. وإذا كانت المسألة ذات أوجه للمجتهدين من أصحاب الشافعي أو طرق نقل مختلفة، فيأخذ المفتي بما رجحه المجتهدون السابقون: وهو ماصححه الأكثر، ثم الأعلم، ثم الأورع، فإن لم يجد ترجيحاً، يقدم مارواه البويطي والربيع المرادي والمزني عن الشافعي (٣) ويعتبر الشيخ أبو زكريا، يحيى بن شرف النووي (٦٧٦هـ) بحق مُحرِّر المذهب الشافعي أي منقحه، ومبين الراجح من الأقوال فيه، وذلك في كتابه (منهاج الطالبين، وعمدة المفتين)، وهو المعتمد لدى الشافعية، حتى بالنسبة لبعض كتب النووي الأخرى كالروضة، وقد اعتمد في تأليفه على مختصر (المحرّر) للإمام أبي القاسم الرافعي (المتوفى سنة ٦٢٣هـ)، ثم اختصر الشيخ زكريا الأنصاري المنهاج إلى المنهج. والفتوى على ماقاله النووي في المنهاج وما ذكره الشارح في نهاية المحتاج للرملي، وتحفة المحتاج لا بن حجر، ثم ماذكره الشيخ زكريا.

وهذه طريقة النووي في حكاية الأقوال وبيان الأوجه المخرجة للأصحاب، وكيفية الترجيح بينها، علماً بأنه يسمي آراء الشافعي أقوالاً، وآراء أصحابه


(١) الشافعي لأبي زهرة: ص (١٧٢ - ١٧٥).
(٢) ويرجح المجتهدون ما رجحه الشافعي هو، فإن لم يكن له ترجيح رجحوا المتأخر على المتقدم، فإن لم يعرف التأخر، وذلك نادر رجحوا أقربها إلى أصوله.
(٣) الشافعي: (ص ٣٦٨ وما بعدها).

<<  <  ج: ص:  >  >>