للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن العقد، ولو يسيراً بين الإيجاب والقبول، وإن لم يتفرقا عن المجلس؛ لأن فيه إعراضاً عن القبول.

وأما في حال غيبة أحد العاقدين عن الآخر، والتعاقد بطريق الكتابة أو الرسالة، فقال الحنفية: مجلس عقد الزواج: وهو مجلس قراءة الكتاب أمام الشهود، أو سماع رسالة الرسول بحضرة الشهود، فعندئذ يتحد المجلس؛ لأن الكتاب بمنزلة الخطاب من الكاتب، ولأن كلام الرسول كلام المرسل؛ لأنه ينقل عبارة المرسل، فكان قراءة الكتاب، وسماع قول الرسول، وكلام الكاتب معنى، وسماع قول المرسل معنى. فإن لم يقرأ الكتاب أو لم يسمع كلام الرسول لا ينعقد العقد عند أبي حنيفة ومحمد، لاشتراط الشهادة على شطري العقد.

وإن قرأت المرأة الكتاب أو سمعت الرسالة أمام الشهود، ثم قامت من المجلس لقضاء مصلحة أخرى، أو اشتغلت بالحديث في شيء آخر أجنبي عن العقد، ثم قالت: زوجت نفسي من فلان، فلا ينعقد الزواج، لاختلاف المجلس.

لكن لو أعادت المرأة قراءة الكتاب في مجلس آخر، فقبلت أمام الشهود، صح العقد، لبقاء الكتابة، أما لو أعاد الرسول الإيجاب في مجلس آخر، فقبلت، لم يصح؛ لأن رسالته انتهت أولاً بخلاف الكتابة لبقائها.

٢ - توافق القبول مع الإيجاب ومطابقته له: يتحقق التوافق باتحاد القبول والإيجاب في محل العقد وفي مقدار المهر، فإذا تخالفا فإن كانت المخالفة في محل العقد، مثل قول أبي الفتاة: زوجتك خديجة، فيقول الرجل: قبلت زواج فاطمة، فلا ينعقد الزواج؛ لأن القبول انصرف إلى غير من وجد الإيجاب فيه، فلم يصح، كما لو ساومه بثوب، وأوجب العقد في غيره بغير علم المشتري (١). وإن كانت


(١) المغني: ٥٤٦/ ٦ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>