واستثنى الشافعية الثيب الصغيرة، فلا إجبار عليها؛ لأن علة ثبوت ولاية الإجبار عندهم هي البكارة فقط، وهذه العلة لا تتحقق في الثيب الصغيرة، وحكمها: أنها لا تزوج حتى تبلغ، وتأذن لوليها في زواجها، للحديث السابق:«الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها، وإذنها سكوتها» ورد عليهم بأن المراد من الثيب هنا البالغة فقط.
وقال الحنابلة مثل المالكية: علة ولاية الإجبار إما البكارة أو الصغر، فللأب تزويج بناته الأبكار ولو بعد البلوغ، بغير إذنهم؛ لحديث ابن عباس مرفوعاً عند أبي داود:«الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر، وإذنها صماتها» فلما قسم النساء قسمين، وأثبت الحق لأحدهما، دل على نفيه عن الآخر وهي البكر، فيكون وليها أحق منها بالولاية.
وللأب أيضاً تزويج ثيب دون تسع سنين؛ لأنه لا إذن لها.
وليس ذلك للجد ولا لسائر الأولياء، كما أنه ليس لسائر الأولياء غير الأب تزويج حرة كبيرة بالغة ثيباً كانت أوبكراً إلا بإذنها، لحديث أبي هريرة مرفوعاً:«لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن ... » إلا المجنونة فلسائر الأولياء تزويجها إذا ظهر منها الميل إلى الرجال، بسبب الحاجة ودفع ضرر الشهوة عنها وصيانتها عن الفجور.
ويتفق الحنفية مع المالكية والحنابلة في ثبوت الولاية على الصغير والصغيرة، والمجنون الكبير والمجنونة الكبيرة، سواء أكانت الصغيرة بكراً أم ثيباً، فلا تثبت هذه الولاية على البالغ العاقل، ولا على العاقلة البالغة؛ لأن علة ولاية الإجبار عندهم هي الصغر وما في معناه، وهذه العلة متحققة في الصغار والمجانين دون غيرهم.