للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رد الحنفية على التفرقة بين العصر والصبح مع أن هذا الحديث يسوي بينهما: بأن التعارض لما وقع بينه وبين النهي عن الصلاة في الأوقات الثلاثة، رجعنا إلى القياس، كما هو حكم التعارض، فرجحنا حكم هذا الحديث في صلاة العصر، وحكم النهي في صلاة الفجر (رد المحتار:٣٤٦/ ١) والحق أن هذه التفرقة لدي غير مقبولة، لأنه يلزم عليها العمل ببعض الحديث وترك بعضه. ودليل المصحح المعتمد، وهو قول أبي يوسف، في إباحة النفل يوم الجمعة وقت الزوال: هو حديث أبي هريرة في مسند الشافعي رحمه الله: «أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة» (١).

ثانياً ـ الوقتان الآخران (بعد صلاتي الفجر والعصر): يكره تحريماً أيضاً التنفل فيهما، ولو بسنة الصبح أو العصر إذا لم يؤدها قبل الفريضة أو بتحية مسجد، أو منذور، وركعتي طواف، وسجدتي سهو، وصلاة جنازة؛ لأن الكراهة كانت لشغل الوقت بصاحب الفريضة الأصلية، فإذا أديت لم تبق كراهة بشغله بفرض آخر أو واجب لعينه، لكن عدم الكراهة في القضاء بما بعد العصر مقيد بما قبل تغير الشمس، أما بعده فلا يجوز فيه القضاء أيضاً، وإن كان قبل أن يصلي العصر.

وقال المالكية (٢):

يحرم النفل لا الفرض في الأوقات الثلاثة، ويجوز قضاء الفرائض الفائتة فيها وفي غيرها، ومن النفل عندهم: صلاة الجنازة، والنفل المنذور، والنفل المفسد، وسجود السهو البعدي، لأن ذلك كله سنة، عملاً بمقتضى النهي السابق الثابت في السنة.

ويكره تنزيهاً النفل في الوقتين الآخرين (بعد طلوع الفجر وبعد أداء العصر) إلى أن ترتفع الشمس بعد طلوعها قدر رمح (٣)، وإلى أن تصلي المغرب، إلا صلاة الجنازة وسجود التلاوة بعد صلاة الصبح قبل إسفار الصبح، وما بعد العصر قبل


(١) لكن سنده ضعيف (سبل السلام:١١٣/ ١).
(٢) الشرح الصغير:٢٤١/ ١ ومابعدها، القوانين الفقهية: ص٤٦، الشرح الكبير:١٨٦/ ١ ومابعدها.
(٣) المقصود رمح من رماح العرب،،وقدره اثنا عشر شبر بشبر متوسط.

<<  <  ج: ص:  >  >>