للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعول عليه عند الحنفية اعتبار عدد الطلاق بالنساء، فطلاق الحرة ثلاث، وطلاق الأمة ثنتان، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «طلاق الأمة ثنتان، وعدتها حيضتان» (١).

وعند الجمهور: المعتبر هو الرجال، فللعبد طلقتان، وللحر ثلاث طلقات، لما روى الدارقطني مرفوعاً: «طلاق العبد اثنتان» وروي عن عثمان وزيد بن ثابت، ولا مخالف لهما من الصحابة، كما روى الشافعي.

والإسلام في أمر الزواج والطلاق التزم الحق والاعتدال، وصحح أخطاء الجاهلية، فقد كان النكاح في الجاهلية أربعة أنحاء (٢): النكاح المعروف بعقد بعد خطبة، ونكاح الاستبضاع أي طلب الزوجة المباضعة وهو الجماع من رجل آخر بطلب زوجها، ونكاح الرهط دون العشرة، ثم تلحق المرأة الولد بمن أحبت منهم، ونكاح البغايا، ثم إلحاق الولد بواحد من الزناة بالقافة (٣).

وأما الطلاق، فلم يكن مقيداً بعدد في الجاهلية، قالت عائشة رضي الله عنها: كان الرجل يطلق امرأته ما شاء أن يطلق، وهي امرأته، إذا راجعها، وهي في العدة، وإن طلقها مئة أو أكثر، حتى قال رجل لامرأته: والله لا أطلقك، فتبينين مني، ولا آويك أبداً، قالت: وكيف ذلك؟ قال: أطلق حتى إذا دنا أجلك، راجعتك، فأتت رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له، فأنزل الله عز وجل: {الطلاق مرتان، فإمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان} (٤) [البقرة:٢٢٩/ ٢]. دلّت الآية على أن عدد الطلقات ثلاث، وجعلت للزوج حق مراجعة زوجته بعد الطلقة


(١) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه والدارقطني عن عائشة مرفوعاً، وقال الترمذي: حديث غريب، والعمل عليه عند أهل العلم من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم وغيرهم.
(٢) رواه البخاري وأبو داود عن عروة عن عائشة (نيل الأوطار: ١٥٨/ ٦).
(٣) القافة جمع قائف: وهو الذي يعرف شبه الولد بالوالد بالآثار الخفية.
(٤) تفسير ابن كثير: ٢٧١/ ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>