٣ً - هذا الطلاق منهي عنه شرعاً غير مأذون فيه، فلا يكون مملوكاً للزوج كالوكيل بالطلاق إذا خالف أمر الموكل، فإن طلاقه لا يقع، والمنهي عنه لذاته أو لجزئه أو لوصفه اللازم يقتضي الفساد، والفاسد لا يثبت حكمه.
وأجيب بأن النهي عن الطلاق في الحيض ونحوه ليس راجعاً إلى نفس الطلاق، ولا إلى صفة من صفاته، وإنما هو راجع إلى أمر خارج عن المنهي عنه، وهو عدم الحاجة إلى الطلاق، أو ما يترتب عليه من إيذاء الزوجة بإطالة العدة، والنهي لأمر خارج عن المنهي عنه لا يدل على فساده إذا وقع، كالبيع وقت النداء لصلاة الجمعة. والقياس على الوكيل قياس مع الفارق؛ لأن الوكيل في الطلاق مجرد سفير ومعبر عن الموكل، فلا يملك غير ما فوض إليه، أما الزوج فلا يوقع الطلاق نيابة عن غيره ولا عن الله عز وجل، وإنما يوقعه عن نفسه.
٤ً - هناك مرجحات لهذا الرأي بعدم الوقوع من القرآن، منها قوله تعالى:{فطلقوهن لعدتهن}[الطلاق:١/ ٦٥] والمطلق في حال الحيض أو الطهر الذي وطئ فيه، لم يطلق لتلك العدة التي أمر الله بتطليق النساء لها، وقد تقرر في الأصول أن الأمر بالشيء نهي عن ضده.
ومنها قوله تعالى:{الطلاق مرتان}[البقرة:٢٢٩/ ٢] ولم يرد إلا المأذون، فدل على أن ما عداه ليس بطلاق، لما في هذا التركيب من الصيغة الصالحة للحصر أي تعريف المسند إليه باللام الجنسية.
ومنها قوله تعالى:{فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان}[البقرة:٢٣١/ ٢] ولا أقبح من التسريح الذي حرمه الله.
وأقول: إن هذه إرشادات لما هو الأفضل، وليس فيها دلالة على عدم وقوع الطلاق، بل المقرر في السنة وقوع الطلاق، مع مخالفة هذه الإرشادات.