للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ً - أن يكون الشرط المعلق عليه الطلاق معدوماً على خطر الوجود، أي يحتمل أن يكون وألا يكون. فلو كان موجوداً كان طلاقها منجزاً، مثل إن خرجت أمس فأنت طالق، وقد خرجت فعلاً فتطلق في الحال. وإن كان المعلق عليه أمراً مستحيلاً عادة كالطيران وصعود السماء، مثل إن صعدت السماء فأنت طالق، ومنه التعليق بمشيئة الله تعالى، كأن يقول: أنت طالق إن شاء الله تعالى، فلا يقع عند الحنفية؛ لأن التعليق لا يصح، واليمين لغو، ووافقهم بقية المذاهب في التعليق بمستحيل عادة.

ووافقهم أيضاً المالكية والشافعية والظاهرية في التعليق بمشيئة الله، لا يقع الطلاق عندهم إن قصد التعليق، وقال الحنابلة: يقع الطلاق، لأن ما لا يمكن الاطلاع عليه يكون منجزاً ويقع في الحال، وسقط حكم تعليقه، قال ابن عباس: «إذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق إن شاء الله، فهي طالق» وقال ابن عمرو وأبو سعيد: «كنا معشر النبي صلّى الله عليه وسلم نرى الاستثناء جائزاً في كل شيء إلا في الطلاق والعتاق» وذكر الشافعية: أنه لو قال: يا طالق إن شاء الله، وقع في الأصح نظراً لصورة النداء المشعر بحصول الطلاق حالته، والحاصل لا يعلق، بخلاف أنت طالق إن شاء الله وقصد التعليق فإنه لم يقع.

ورأي غير الحنابلة أصح لدي لحديث ابن عمر: «من حلف على يمين، فقال: إن شاء الله، فلا حنث عليه» (١) وحديث ابن عباس: «من قال لامرأته: أنت طالق إن شاء الله، أو لغلامه: أنت حر، أو قال: عليَّ المشي إلى بيت الله إن شاء الله، فلا شيء عليه» (٢).


(١) رواه أصحاب السنن الأربعة، وقال الترمذي: حديث حسن (نصب الراية: ٢٣٤/ ٣).
(٢) أخرجه ابن عدي، وهو معلول بإسحاق الكعبي (نصب الراية: ٢٣٥/ ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>