للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزوج؛ لأنه يكون غارّاً للزوجة ومدلساً عليها، ثم إنه قد دخل بها، والدخول بالمرأة يوجب المهر كله. وإن كان العيب في الزوجة استحقت المهر كله بسبب الدخول، لكن يرجع الزوج بالمهر على وليها كأب وأخ وابن لتدليسه بالكتمان إن كان قريباً لا يخفى عليه حالها، وكان العيب ظاهراً كالجذام والبرص. أما إن كان الولي بعيداً كالعم والقاضي، أو كان العيب خفياً، فيرجع الزوج على الزوجة لا على الولي؛ لأن التغرير والتدليس منها وحدها.

وقال الشافعية: الفسخ بالعيب قبل الدخول يسقط المهر، وإن كان بعد الدخول، وكان العيب مقارناً للعقد أو حادثاً بين العقد والوطء، وجهله الواطئ، فلها في الأصح مهر المثل. وإن حدث العيب بعد العقد والوطء، فلها في الأصح المهر المسمى كله.

ولا يرجع الزوج بالمهر الذي غرمه على من غره من ولي أو زوجة بالعيب المقارن في المذهب الجديد (١)، لاستيفائه منفعة البضع المتقوم عليه بالعقد. أما العيب الحادث بعد العقد إذا فسخ به، فلا يرجع بالمهر جزماً لانتفاء التدليس.

وقال الحنابلة: إن حدث الفسخ قبل الدخول فلا مهر للمرأة على الرجل، سواء أكان من جهة الزوج أم من جهة الزوجة، كما قال الشافعية وغيرهم.

وإن حدث الفسخ بعد الدخول وجهل العيب، فلها المهر المسمى، لوجوبه بالعقد واستقراره بالدخول، ثم يرجع بالمهر على من غرَّه من امرأة عاقلة وولي ووكيل. لقول عمر رضي الله عنه: «أيما رجل تزوج بامرأة بها جنون أو جذام أو برص، فلها صداقها، وذلك لزوجها غرم على وليها» ولأنه غرَّه في النكاح بما يثبت به الخيار فكان المهر عليه، كما لو غره بحرية أمة.


(١) وهو رأي أبي حنيفة رحمه الله أيضاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>