أما في الطلاق البائن أو الثلاث: فلا بد من ساتر حاجز بين الرجل والمطلقة، فإن كان المسكن متسعاً استقلت المرأة بحجرة فيه، ولا يجوز للمطلق أن ينظر إليها ولا أن يقيم معها في تلك الحجرة. وإن كان المسكن ضيقاً ليس فيه إلا حجرة واحدة، وجب على الرجل المطلِّق أن يخرج من المسكن، وتبقى المطلقة فيه حتى تنقضي العدة؛ لأن بقاء المرأة في منزل الزوجية الذي كانت تسكن فيه وقت الطلاق واجب شرعاً، ولئلا تقع الخلوة بالأجنبية.
ولا عبرة بالعرف القائم الآن من خروج المطلقة من بيت الزوجية فهو عرف مصادم للنص القرآني السابق:{لا تخرجوهن من بيوتهن}[الطلاق:١/ ٦٥].
ولكن يعد ضيق المنزل وفسق الزوج عذراً يجيز في رأي الحنفية للمطلقة أو المتوفى عنها الخروج من البيت، وتعيين الموضع الذي تنتقل إليه في عدة الطلاق إلى الزوج، وأما في عدة الوفاة فإن التعيين يكون إليها؛ لأنها هي صاحبة الرأي المطلق في أمر السكنى، حتى إن أجرة المنزل إن كان بأجر تكون عليها.
وكذلك يعد إيذاؤها الجيران عذراً عند الحنابلة يبيح انتقالها لدار أخرى.
ولا تخرج المعتدة إلى صحن الدار التي فيها منازل الأجانب عنها، لأنه كالخروج إلى الشارع. فإن لم يكن في الدار منازل للأجانب، بل بيوت أو غرف، جاز لها الخروج إلى صحن الدار، ولا تصير به خارجة عن الدار، ولها أن تبيت في أي غرفة شاءت منها.
وذكر الشافعية (١): أن الرجل إذا عاشر المعتدة كزوج، بخلوة ولو بدخول دار هي فيها، ونوم ولو في الليل فقط وأكل ونحو ذلك، بلا وطء لها، في عدة أقراء