للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزوجة، ولوجود الموجب وهو البعضية، أي كون القريب بعضاً من قريبه. وللحنابلة روايتان:

إحداهما ـ تجب النفقة مع اختلاف الدين كالرأي المتقدم.

والثانية وهي المعتمدة ـ لا تجب النفقة مع اختلاف الدين؛ لأنها مواساة على البر والصلة ولعدم الإرث، وتفارق نفقة الزوجات؛ لأنها عوض يجب مع الإعسار، فلم يمنعها اختلاف الدين كالصداق والأجرة.

ولم يشترط الحنفية اتحاد الدين في نفقة الأصول (وهم الآباء والأجداد وإن علوا) ونفقة الفروع (وهم الأولاد وأولاد الأولاد وإن نزلوا) ونفقة الزوجة، واشترطوا اتحاد الدين في غير هذه الفئات الثلاث، لعدم أهلية الإرث بين المسلم وغير المسلم.

فعلى الرجل أن ينفق على أبويه وأجداده وجداته إذا كانوا فقراء، وإن خالفوه في دينه، أما الأبوان فلقوله تعالى: {وصاحبهما في الدنيا معروفاً} [لقمان:١٥/ ٣١] وليس من المعروف أن يعيش الولد في نعم الله تعالى، ويترك والديه يموتان جوعاً. وأما الأجداد والجدات، فلأنهم من الآباء والأمهات، فيقوم الجد مقام الأب عند عدمه.

ولا تجب النفقة مع اختلاف الدين إلا للزوجة والأبوين والأجداد والجدات، والولد وولد الولد؛ لأن نفقة الزوجة واجبة في مقابل الاحتباس، وأما غيرها من نفقة الأصول والفروع فلثبوت الجزئية بين المنفق والمنفق عليه، وجزء المرء في معنى نفسه. فكما لا تمتنع نفقة نفسه بكفر لا تمتنع نفقة جزئه، إلا أنهم إذا كانوا حربيين لا تجب نفقتهم على المسلم، ولو كانوا مستأمنين؛ لأنا نهينا عن برّ من يقاتلنا في الدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>