فإن كان قادراً على الكسب، فلا نفقة له بالاتفاق؛ لأن القدرة على الكسب غنى، لكن باستثناء الأبوين، فتجب لهما النفقة في رأي الحنفية والشافعية مع القدرة على الكسب؛ لأن الفرع مأمور بمعاشرة أصله بالمعروف، وليس منها تكليفه الكسب مع كبر السن، كما يجب له الإعفاف (تزويج الأب) ويمتنع القصاص منه. والراجح لدى المالكية والحنابلة أن النفقة لا تجب على الولد لوالديه إذا قدرا على الكسب وتركاه.
ويجب في رأي الجمهور على الزوج لزوجته، وعلى الإنسان لقريبه التكسب ليؤدي النفقة الواجبة عليه؛ لأن القدرة على الكسب كالقدرة على المال، إذا وجد عملاً مباحاً يليق به، ولخبر:«كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت»(١)، وينبني عليه أنه يحرم عليه الزكاة إذا كان قادراً على الكسب، ولأنه يلزمه إحياء نفسه بالكسب، فكذا يلزمه إحياء بعضه وهو القريب.
وقال المالكية: لا يجب على الولد المعسر تكسب لينفق على والديه، ولو قدر على التكسب. ويجبر الوالدان على الكسب إذا قدرا عليه، على الأرجح.
واستثنى الحنفية والشافعية أيضاً: طلبة العلم الذين لايتفرغون للكسب، فتجب نفقتهم ولو مع القدرة على الكسب؛ لأن طلب العلم فريضة كفائية، والتفرغ له شرط، فلو ألزم طلبة العلم بالاكتساب لتعطلت مصالح الأمة. واستثنى الحنفية الأخرق: وهو الذي لا يحسن الكسب، وهو في الحقيقة ملحق بالعاجز عن العمل.
واستثنى الحنفية كذلك أبناء الكرام الذين يلحقهم العار بالتكسب، أو لا
(١) رواه أحمد وأبو داود والحاكم والبيهقي عن عبد الله بن عمرو، وهو صحيح.