وقال المالكية والحنابلة: لا يلزم الفرع بنفقة الأصل إذا كان قادراً على الكسب، فيجبر على كسب يستغني به، ولا نفقة له؛ لأنها تجب على سبيل المواساة والبر والصلة، والكاسب كالموسر مستغن عن المواساة.
٢ً - أن يكون الفرع موسراً بمال، أو قادراً على التكسب في رأي الجمهور، وقال المالكية: لا يجب على الولد المعسر تكسب لينفق على والديه.
وعلى رأي الجمهور: يشترط أن يكون مال الفرع أو مردود كسبه فاضلاً عن نفقة نفسه إما من ماله وإما من كسبه، فأما من لا يفضل عنه شيء، فليس عليه شيء، لحديث جابر المتقدم:«إذا كان أحدكم فقيراً فليبدأ بنفسه، فإن فضل فعلى عياله، فإن كان فضل فعلى قرابته» وفي لفظ: «ابدأ بنفسك ثم بمن تعول» ولحديث أبي هريرة السابق في ترتيب النفقة على النفس، ثم على الزوج، ثم على الولد، ثم على الخادم.
٣ً - أن يكون المنفق وارثاً في رأي الحنابلة، فلا نفقة مع اختلاف الدين لقوله تعالى:{وعلى الوارث مثل ذلك}[البقرة:٢٣٣/ ٢] ولأن التوارث بسبب القرابة يجعل الوارث أحق بمال المورث، فينبغي أن يختص بوجوب صلة قريبة بالنفقة دون غير الوارث، ولأن هذه النفقة مواساة على البر والصلة، فلم تجب مع اختلاف الدين كنفقة غير عمودي النسب.
وقال الحنفية: يشترط أن يكون المنفق قريباً مستحقاً للإرث من قريبه، إلا أنهم مع المالكية والشافعية يقولون: اتحاد الدين ليس شرطاً لوجوب نفقة الأصل على الفرع، فتجب النفقة عليه وإن اختلف الدين؛ لأنه تعالى قال في حق الوالدين الكافرين:{وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم، فلا تطعهما، وصاحبهما في الدنيا معروفاً}[لقمان:١٥/ ٣١] وليس من المعروف ترك الإنفاق عليهما مع القدرة، وهذا هو الصحيح.