للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموصي، بأن يقول: أوصيت لفلان بكذا، ونحوه من الألفاظ. وأما القبول من الموصى له فهو شرط، لا ركن؛ أي أنه شرط في لزوم الوصية وثبوت ملك الموصى به.

وهذا قول زفر، وهو الراجح لدى الحنفية؛ لأن ملك الموصى له بمنزلة ملك الوارث؛ لأن كل واحد من الملكين ينتقل بالموت، ولا يحتاج ملك الوارث إلى قبول، فيقاس عليه ملك الموصى له. وهذا هو الذي أخذ به قانون الأحوال الشخصية السوري (م ٢٠٧)، والمصري (م ١) وبه تكون الوصية تصرفاً ينشأ بإرادة منفردة.

وقال الكاساني في البدائع: ركن الوصية عند أئمة الحنفية الثلاثة: الإيجاب والقبول، كسائر العقود مثل الهبة والبيع، إذ لا يثبت ملك إنسان باختياره من غير قبوله وسعيه، ولأن إثبات الملك له من غير قبوله يؤدي إلى الإضرار به، بخلاف الميراث، فإن الملك فيه ثبت جبراً من الشارع، فلا يشترط فيه القبول.

والمراد بالقبول: ما يكون صريحاً مثل قبلت، أو دلالة كموت الموصى له بعد موت الموصي بلا قبول ولا رد. ولا يصح قبول الوصية إلا بعد موت الموصي، فإن قبل الموصى له بعد موت الموصي، ثبت له ملك الموصى به، سواء قبضه أو لم يقبضه. فإن مات بعد موت الموصي قبل القبول أو الرد، انتقل الموصى به إلى ملك ورثته (١). وإن قبلها الموصى له في حال الحياة أو ردها، بطلت. هذا ما ذكره الكاساني والقدوري، والراجح لدى الحنفية أن الوصية تنشأ بإرادة الموصي.

ونص القانون المصري (م ٢٠ - ٢٤) على أحكام من مذهب الحنفية وغيره، مفادها: أن الوصية تلزم بقبولها من الموصى له بعد وفاة الموصي، وهو رأي


(١) م ٩٣ من مرشد الحيران لقدري باشا.

<<  <  ج: ص:  >  >>