للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالإسلام والصلاة، كما أن الحنفية أجازوا وصية المميز (وهو من أتم السابعة) إذا كانت لتجهيزه وتكفينه ودفنه؛ لأن عمر رضي الله عنه أجاز وصية صبي من غسان له عشر سنين أوصى لأخواله، ولأنه لا ضرر على الصبي في جواز وصيته؛ لأن المال سيبقى على ملكه مدة حياته، وله الرجوع عن وصيته؛ كما سأبين.

وتجوز وصية المحجور عليه لسفه بالاتفاق، فقال الحنفية: تصح وصية المحجور عليه (١) إذا كانت بالقُرَب وأبواب الخير، من ثلث ماله؛ إذ ليس في تلك الوصية إضرار به، بل هي مفيدة له، لما يترتب عليها من الثواب. أما الوصية في غير القُرَب كالوصية لغني غير فاسق، فإنها لا تجوز.

وكذلك قال المالكية: تصح وصية المحجور عليه السفيه والصغير؛ لأن الحجر عليهما لحق أنفسهما، فلو منعا من الوصية، لكان الحجر عليهما لحق غيرهما.

والمذهب لدى الشافعية جواز وصية المحجور عليه بسفه، لصحة عبارته. وأما وصية المحجور عليه لفلس فموقوفة على إجازة الغرماء، فإن أمضوها جازت، وإن ردوها بطلت.

وقال الحنابلة: تصح وصية المحجور عليه لسفه بمال؛ لأنها تمحضت نفعاً له من غير ضرر، فصحت منه كعباداته، ولأنه كما قال الحنفية والمالكية إنما حجر عليه لحفظ ماله، وليس في الوصية إضاعة له؛ لأنه إن عاش، كان ماله له، وإن مات كان ثوابه له، وهو أحوج إليه من غيره. ولا تصح الوصية من المحجور عليه لسفه على أولاده؛ لأنه لا يملك أن يتصرف عليهم بنفسه، فوصيته أولى.

وتصح الوصية من المحجور عليه لفلس؛ لأن الحجر عليه لحظ الغرماء، ولا ضرر عليهم؛ لأنه إنما تنفذ وصيته في ثلث ماله بعد وفاء ديونه.


(١) الحجر على السفيه رأي الصاحبين، وبه يفتى، ولم يجز أبو حنيفة الحجر عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>