للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبه يتبين أنه لا يشترط عند المالكية ألا يكون الموصى له قاتلاً، بشرط أن تقع الوصية بعد الضربة وأن يعرف المقتول قاتله. فإن ضرب شخص غيره ضربة قاتلة عمداً أو خطأ، ثم أوصى له بعد الضربة بشيء، صحت الوصية. أما إذا أوصى له قبل أن يضربه، ثم ضربه فأماته، فإن الوصية تبطل، سواء عرف القاتل ولم يغير الوصية، أم لم يعرفه، على الراجح؛ لأن فيها شبهة استعجال الوصية كالميراث.

ففي هذه الحال الأخيرة يتفق مذهبهم مع الحنفية والحنابلة، وفي الحال الأولى أي وقوع الوصية بعد الضربة يكون مذهبهم كالشافعية، ويكون لدينا رأيان: رأي الحنفية والحنابلة: أن القتل يبطل الوصية، ورأي الشافعية والمالكية: أن القتل لا يبطل الوصية.

أما القانون المصري في المادة (١٧) والسوري في المادة (٢٢٣) فقد أخذا برأي الحنفية والحنابلة في أن القتل مانع من استحقاق الوصية، وأخذاً برأي المالكية في تحديد نوع القتل المانع من الإرث والوصية وهو القتل قصداً أو عمداً (١)، سواء أكان القاتل فاعلاً أصلياً أم شريكاً، أم شاهد زور أدت شهادته إلى الحكم بالإعدام على الموصي ونفذ الحكم، إذا كان القتل بلا حق ولا عذر، وكان القاتل عاقلاً بالغاً من العمر خمس عشرة سنة عند الجمهور، واثنتي عشرة سنة عند الحنفية. وهذا يشمل القتل مباشرة وتسبباً عملاً بمذهب الشافعية، ويكون القاتل مستحقاً الوصية إذا كان مجنوناً أو معتوهاً ونحوهما، أو ولداً دون الخامسة عشرة، أو قاتلاً بحق أو بعذر كالقاتل دفاعاً عن النفس أو الشرف، والقاضي الذي يصدر حكم الإعدام، والجلاد الذي ينفذ الحكم.


(١) وتصح قانوناً الوصية للقاتل خطأ، عملاً بمذهب الإمام مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>