للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن لم تكن الوصية مقيدة بنوع خاص من الانتفاع، كان للموصى له باتفاق الفقهاء أن ينتفع على الوجه الذي يختاره، إما بالاستعمال الشخصي بأن يسكن الدار أو يزرع الأرض بنفسه، وإما بالاستغلال: بأن يؤجر الدار والأرض لغيره، وينتفع بالأجرة.

أما إذا قيد الموصي الموصى له بنوع من أنواع الانتفاع، فهناك رأيان:

يرى الحنفية: أن الموصى له يتقيد بالقيد المنصوص عليه في حال الاستعمال الشخصي، فمن أوصي له بالسكنى مثلاً، لا يملك الاستغلال بلا خلاف؛ لأنه ملك المنفعة بغير عوض، فليس له أن يملِّكها غيره بعوض.

أما العكس وهو من أوصي له بالاستغلال، فالراجح أن له السكنى؛ لأن من ملَّك غيره السكنى، ملكها بنفسه من باب أولى. وقيل: ليس له السكنى، إذ قد يكون في سكناه بنفسه ضرر بالميت، والحق هو القول الأول، لما في هذه الحجة من تكلف واحتمال بعيد.

ويرى الشافعية والحنابلة: أن الموصى له يملك الانتفاع على أي وجه شاء، سواء بالاستعمال الشخصي أم بالاستغلال، ولو نص على العكس؛ لأن الموصى له ملك المنفعة بعقد الوصية، ومن ملك المنفعة ساغ له الانتفاع بها على أي نحو شاء، كما لو ملك حق المنفعة بالإجارة.

وهذا الرأي هو الراجح، وهو الذي أخذ به القانون المصري (م٥٤) والسوري (م٢٤٨) لأن غرض الموصي إنما هو نفع الموصى له، ودفع حاجته، وهذا أدرى بمصلحته.

<<  <  ج: ص:  >  >>