للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومذهب المالكية (١): تثبت الوصية إن كانت بخط الموصي، مع الإشهاد عليها، وإن لم يقرأها على الشهود، ولم يفتح كتاب الوصية، وتنفذ الوصية حيث أشهد بقوله للشهود: اشهدوا بما في هذه، ولم يوجد فيها محو، حتى ولو بقي كتاب الوصية عند الموصي ولم يخرجه حتى مات.

فإن ثبت لدى القاضي أن ما اشتملت عليه الورقة بخط الموصي، أو قرأها على الشهود لكنه لم يشهد الموصي على الوصية في الصورتين، بأن لم يقل: اشهدوا على وصيتي، أو لم يقل: نفذوها، لم تنفذ بعد موته، لاحتمال رجوعه عنها. فإن قال الموصي للشهود: اشهدوا، أو قال: أنفذوها، نفذت.

ومذهب الحنابلة في الأرجح (٢): من كتب وصيةً، ولم يشهد عليها، حكم بها ما لم يعلم رجوعه عنها، فتثبت الوصية ويقبل ما فيها بالخط الثابت أنه خط الموصي، بإقرار ورثته، أو ببينة تعرف خطه تشهد أنه خطه، وإن طال الزمن أو تغير حال الموصي، أو بأن عرف خطه وكان مشهور الخط، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «ما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين، إلا ووصيته مكتوبة عنده» ولم يذكر أمراً زائداً على الكتابة، فدل على الاكتفاء بها، ولأنه صلّى الله عليه وسلم «كتب إلى عماله وغيرهم» ملزماً العمل بتلك الكتابة، وكذلك فعل الخلفاء الراشدون من بعده، ولأن الكتابة تنبئ عن المقصود فهي كاللفظ.

وإن كتب وصيته، وقال: اشهدوا علي بما في هذه الورقة، أو قال: هذه وصيتي فاشهدوا علي بها: لا تثبت حتى يسمعوا منه ما فيه، أو يقرأ عليه فيقر بما فيه. وهذا موافق لقول الحنفية والشافعية.


(١) الشرح الصغير: ٦٠١/ ٤.
(٢) المغني: ٦٩/ ٦ وما بعدها، كشاف القناع: ٣٧٣/ ٤، غاية المنتهى: ٣٤٨/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>