للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر الحنفية (١): أن الوصي إذا رد الوصاية بعلم الموصي صح الرد، فإن لم يعلم لا يصح الرد بغيبته، لئلا يصير مغروراً من جهته. وإن سكت الموصى إليه، فمات الموصي فله الرد والقبول، إذ لا تغرير هنا. وإن سكت الموصى إليه ثم رد بعد موت الموصي، ثم قبل، صح الإيصاء، إلا إذا نفذ قاض رده، فلا يصح قبوله بعدئذ. ويلزم عقد الوصية ببيع شيء من التركة وإن جهل الشخص كونه وصياً، فإن علم الوصي بالوصاية ليس بشرط في صحة تصرفه.

ويصح عند الحنفية والحنابلة قبول الوصي الإيصاء إليه في حياة الموصي؛ لأنه إذن في التصرف، فصح قبوله بعد العقد كالوكالة. بخلاف الوصية بالمال، فإنها تمليك في وقت، فلم يصح القبول قبله. ويصح القبول أيضاً بعد موت الموصي؛ لأنها نوع وصية، فيصح قبولها حينئذ كوصية المال، ومتى قبل صار وصياً. ويقوم فعل التصرف مقام اللفظ، كما في الوكالة، بالاتفاق، ولا يشترط القبول لفظاً.

ولا يصح في الأصح عند الشافعية قبول الوصي ورده في حياة الموصي؛ لأنه لم يدخل وقت التصرف كالوصية له بالمال، فلو قبل في حياته، ثم رد بعد وفاته لفات العقد، أما لو رد في حياته ثم قبل بعد وفاته صح العقد.

ويجوز في الإيصاء التوقيت والتعليق (٢)، مثال الأول: أوصيت إليك سنة أو إلى بلوغ ابني أو إلى قدوم زيد. ومثال الثاني: إذا مت فقد أوصيت إليك؛ لأن الوصاية تحتمل الجهالات والأخطار، فكذا التوقيت والتعليق، ولأن الإيصاء كالإمارة، وقد أمَّر النبي صلّى الله عليه وسلم زيد بن حارثة على سرية في غزوة مؤتة، وقال: «إن أصيب زيد، فجعفر، وإن أصيب جعفر، فعبد الله بن رواحة» (٣).


(١) الدر المختار: ٤٩٥/ ٥.
(٢) مغني المحتاج: ٧٧/ ٣.
(٣) رواه البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>