للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد أقرب إلى موافقة الآثار. ولما كثر المصحح من الطرفين، وكان قول أبي يوسف فيه ترغيب للناس في الوقف وهو جهة بر، أطبق المتأخرون من أهل المذهب، على أن القاضي الحنفي والمقلد يخير بين أن يحكم بصحته وبطلانه، وإذا كان الأكثر على ترجيح قول محمد، وبأيها حكم صح حكمه ونفذ، فلا يسوغ له ولا لقاض غيره أن يحكم بخلافه، كما صرح به غير واحد. وقال في البحر: وصح وقف المشاع إذا قضي بصحته؛ لأنه قضاء في مجتهد فيه (١). وهذا هو المعتمد الذي جرى عليه صاحب الدر المختار، وهو يتمشى مع قوله: ولا يتم الوقف حتى يقبض الموقوف؛ لأن تسليم كل شيء بما يليق به، في المسجد بالإفراز، وفي غيره بنصب المتولي وبتسليمه إياه، وحتى يفرز، فلا يجوز وقف مشاع يقسم، خلافاً لأبي يوسف.

أما غير الحنفية (٢) فقال المالكية: يصح وقف المشترك الشائع فيما يقبل القسمة، ولا يصح فيما لا يقبل القسمة.

وقال الشافعية والحنابلة: يصح وقف المشاع ولو لم يقبل القسمة، ويجبر عليها الواقف إن أرادها الشريك، ويجبر الواقف على البيع إن أراد شريكه، ويجعل ثمنه في مثل وقفه، بدليل أن عمر وقف مئة سهم من خيبر بإذن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهذا صفة المشاع؛ لأن القصد حبس الأصل، وتسبيل المنفعة، والمشاع كالمقسوم في ذلك.


(١) فتح القدير: ٤٥/ ٥، اللباب: ١٨١/ ٢، الدر المختار: ٣٩٩/ ٣، ٤٠٩.
(٢) الشرح الكبير: ٧٦/ ٤، المهذب: ٤٤١/ ١، المغني: ٥٨٦/ ٥، مغني المحتاج: ٣٧٧/ ٢، غاية المنتهى: ٣٠٠/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>