للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوقف» أي أن شرط الواقف لا يدل على نفي ما يخالفه، لكن المتأخرين من الحنفية قالوا: يعتبر المفهوم في غير النصوص الشرعية، عملاً بما هو معتبر في متفاهم الناس وعرفهم، فوجب اعتبار المفهوم في كلام الواقف؛ لأنه يتكلم على عرفه.

وبناء عليه: كما أن مفهوم التصنيف حجة، يعتبر المفهوم في عرف الناس والمعاملات والعقليات، ويكون التحقيق أن لفظ الواقف ولفظ الموصي والحالف والناذر وكل عاقد، يحمل على عادته في خطابه ولغته التي يتكلم بها، وافقت لغة العرب ولغة الشرع أم لا.

والخلاصة: أنه عند الأصوليين من الحنفية لا يعتبر المفهوم في الوقف، ولكن في رأي المتأخرين يحمل كلام الواقف على عرف زمانه. فلو قال: وقفت على أولادي الذكور يصرف إلى الذكور منهم بحكم المنطوق، وأما الإناث فلا يعطى لهن، لعدم ما يدل على الإعطاء، إلا إذا دل في كلامه دليل على إعطائهن، فيكون مثبتاً لإعطائهن ابتداء، لا بحكم المعارضة، وبهذا يكون رأي المتأخرين؛ يعتبر المفهوم في غير النصوص الشرعية مما هو في متفاهم الناس وعرفهم وفي المعاملات والعقليات.

ورتب الحنفية على هذه القاعدة: أن كل ما خالف شرط الواقف فهو مخالف للنص، والحكم به حكم بلا دليل، سواء أكان كلام الواقف نصاً أم ظاهراً؛ لأنه يجب اتباعه، عملاً بقول المشايخ: شرط الواقف كنص الشارع.

ويراعى شرط الواقف في إجارة الموقوف، فإذا شرط الواقف ألا يؤجر الموقوف أكثر من سنة، والناس لا يرغبون في استئجارها، وكانت إجارتها أكثر من سنة أنفع للفقراء، فليس للقيم الناظر أن يؤجرها أكثر من سنة، بل يرفع الأمر

<<  <  ج: ص:  >  >>