للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أبوه، ثم جده وإن علا، لقوله عليه الصلاة والسلام: «الولاء لُحْمة كلُحمة النَّسَب» (١) لأن المعتِق سبب لإحياء المعتَق، كما أن الأب سبب لإيجاد الولد، باعتبار أن الحرية حياة الإنسان، لإثبات صفة المالكية له، كما أن الأب سبب لإيجاد الولد، باعتبار أن الحرية حياة الإنسان، لإثبات صفة المالكية له، والرق تلف وهلاك، وكما أن الولد يصير منسوباً لأبيه، كذلك المعتَق يصير منسوباً إلى معتقه بالولاء، وبما أن الإرث بالنسب، فكذلك يثبت بالولاء. وذلك في حدود المعتق وعصبته، فالشرع جعل صلة المعتق بعتيقه في حكم صلة القريب بقريبه، فيرث منه جميع المال إذا انفرد، والباقي بعد أصحاب الفروض إذا وجدوا.

ولا شيء للإناث من ورثة المعتِق، إلا بسبب ولاء عتيقهن، لقوله عليه الصلاة والسلام: «ليس للنساء من الوَلاء إلا ما أعتقن، أو أعتق من أعتقن ... » (٢).

وذكر سابقاً دليل الإرث بسبب العتق، وهو قوله عليه الصلاة والسلام: «الولاء لمن أعتق».

ومرتبة العصبة السببية بعد مرتبة العصبة النسبية، وقبل مرتبة الرد على ذوي الفروض، وإرث ذوي الأرحام.

وروي عن عمر وابن مسعود وابن عباس وكثير من الصحابة والتابعين أن إرث العصبة السببية مؤخر عن إرث ذوي الأرحام.


(١) رواه الطبري عن عبد الله بن أبي أوفى، والحاكم والبيهقي عن ابن عمر، وتتمته: «لا يباع ولا يوهب» وهوصحيح.
(٢) أخرج ابن أبي شيبةوعبد الرزاق والدارمي والبيهقي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي قال: «ميراث الولاء للأكبر من الذكور، ولا ترث النساء من الولاء إلا ولاء من أعتقن أو أعتقه من أعتقن» (نيل الأوطار: ٦٩/ ٦) وقال في الدر المختار (٥٥٠/ ٥) عن حديث «ليس للنساء ... »: وهو وإن كان فيه شذوذ (انفراد راو به) لكنه تأيد بكلام كبار الصحابة، فصار بمنزلة المشهور.

<<  <  ج: ص:  >  >>