للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما ثبت من الوقائع في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلم والصحابة من بعده من توريث ذوي الأرحام.

منها: أن ثابت بن دَحْدَاح مات في حياة النبي صلّى الله عليه وسلم، وكان ثابت غريباً لايعرف من هو؟ فقال صلّى الله عليه وسلم لعاصم بن عدي: «هل تعرفون له فيكم نسباً؟ قال: لا، يا رسول الله، فدعا ابن أخته أبا لبابة بن عبد المنذر، فأعطاه ميراثه» (١).

ومنها: أن أبا عبيدة بن الجراح كتب إلى عمر، يسأله عمن يرث سهل بن حنيف حين قتل، ولم يكن له من الأقارب إلا خال، فأجابه عمر بأن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «الله ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له» (٢).

وروي عن عمر في رجل مات وترك عماً لأم، وأخاً، فأعطى العم الثلثين، وأعطى الخال الثلث.

وقضى عبد الله بن مسعود فيمن ترك عمة وخالة: بأن للعمة الثلثين، وللخالة الثلث.

هذا كله يدل على توريث ذوي الأرحام. وهو الذي اعتمده متأخرو المالكية بعد المئتين من الهجرة، وأفتى به متأخرو الشافعية منذ القرن الرابع الهجري إذا لم ينتظم بيت المال، بحيث لم يعد يأخذ المستحقون فيه نصيبهم منه، وتصرف أموالهم في غير مصارفها.

وأخذ به القانون المصري (م ٣١ - ٣٨) والسوري (م ٢٨٩ - ٢٩٧).


(١) رواه سعيد بن منصور، وأبو عبيد في الأموال، إلا أنه قال: «ولم يخلف إلا ابن أخ له، فقضى النبي صلّى الله عليه وسلم بميراثه لابن أخيه».
(٢) رواه أحمد وابن ماجه، وللترمذي منه المرفوع، وقال حديث حسن، وهو من حديث أبي أمامة بن سهل (نيل الأوطار: ٦٢/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>