للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الركوع بمجرد الانحناء ولم يأمر الله به وإنما أمر بالركوع والسجود والقيام، فلا يفرض غيره، ولمواظبة النبي صلّى الله عليه وسلم على الاعتدال قائماً، وللأمر به في حديث المسيء صلاته: «ثم ارفع حتى تعتدل قائماً» وهذا يدل على الوجوب لثبوته بخبر آحاد، فلو تركه أو ترك شيئاً منه ساهياً، يلزمه سجود السهو، ولو تركه عمداً كره أشد الكراهة، ويلزمه أن يعيد الصلاة في الوقت، وتكون الإعادة جبراً للأولى؛ لأن الفرض لا يتكرر.

هذا ويلاحظ أن المشهور في مذهب الحنفية هو القول بسنية القيام من الركوع والجلسة بين السجدتين وتعديلهما، وروي وجوبها، وهو الموافق للأدلة. وهو الصواب وقول الكمال بن الهمام ومن بعده من متأخري الحنفية.

وقال أبو يوسف والأئمة الآخرون (١): الرفع من الركوع والاعتدال قائماً مطمئناً ركن أو فرض في الصلاة، وهو أن يعود إلى الهيئة التي كان عليها قبل الركوع، سواء أكان قائماً أم قاعداً، أو يفعل مقدوره إن عجز. ولا يقصد غيره، فلو رفع فَزَعاً (خوفاً) من شيء كحية، لم يكف رفعه لذلك عن رفع الصلاة، كما صرح الشافعية.

وإذا سجد ولم يعتدل، لم تصح وبطلت صلاته، لتركه ركناً من أركان الصلاة. لقوله صلّى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: «ثم ارفع حتى تعتدل قائماً» وداوم النبي على فعله، وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي»، ونفى النبي صلّى الله عليه وسلم كون ما فعل المسيء صلاة، فدل كل ذلك على أن الاعتدال والطمأنينة ركن، ويدخل فيه الرفع من الركوع لاستلزامه له.


(١) رد المختار: المكان السابق، اللباب: ١/ ٧٣، القوانين الفقهية: ص٦٢، الشرح الصغير: ١/ ٣١٣، ٣٢٨، مغني المحتاج: ١/ ١٦٥ـ١٧٠/ المهذب: ١/ ٧٥، المغني: ١/ ٥٠٨، ٥١٤، ٥١٦، كشاف القناع: ١/ ٤٥٢، بداية المجتهد: ١/ ١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>