واتفق علماء الحنفية وغيرهم على أنه إن قتصر في السجود على الجبهة دون الأنف، جاز. لكن قال أبو حنيفة: يخير المصلي بين الجبهة وبين الأنف، فإن اقتصر على أحدهما، جاز ويكره، مستدلاً بالرواية السابقة لحديث ابن عباس المذكور؛ لأنه ذكر الجبهة وأشار إلى الأنف، ولأن المأمور به في كتاب الله تعالى هو السجود {واسجدوا}[الحج:٧٧/ ٢٢]، والسجود المأمور به: هو وضع بعض الوجه الذي هو محل السجود إجماعاً، وهو يتحقق بالأنف، فاشتراط وضع آخر معه زيادة بخبر الواحد، فوجب أن يجوز الاقتصار عليه كالجبهة، بخلاف الذقن والخد ونحوهما، لأنه ليس بمحل للسجود إجماعاً، لكن ضم الأنف للجبهة في السجود واجب عندهم كما بينت.
وقال الصاحبان: لا يجوز الاقتصار في السجود على الأنف إلا لعذر، للحديث السابق الذي عُدّ فيه الجبهة في الأعضاء السبعة، وهذا هو الراجح عند الحنفية.
ووضع اليدين والركبتين سنة عند الحنفية لتحقق السجود بدونهما. وأما وضع القدمين فهو فريضة في السجود، كما ذكر القدوري.
والخلاصة: إن فرض السجود عند الحنفية والمالكية يتحقق بوضع جزء من الجبهة ولو كان قليلاً، والواجب عند الحنفية وضع أكثرها، ويتحقق الفرض أيضاً بوضع أصبع واحدة من القدمين، فلو لم يضع شيئاً من القدمين لم يصح السجود. وأما تكرار السجود فهو أمر تعبدي، أي لم يعقل معناه على قول أكثر مشايخ الحنفية، تحقيقاً للابتلاء (الاختبار) ولو سجد على كَوْر عمامته إذا كان على جبهته أو فاضل (طرف) ثوبه، جاز عند الحنفية والمالكية والحنابلة، ويكره إلا من عذر لحديث أنس «كنا نصلي مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم في شدة