للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعلم، لأن الأعلم أقوى، وطريق معرفة الأعلم إما بالاختبار والتجربة، أو بالشهرة والتسامع ورجوع الناس إليه.

٢ - وقال القاضي أبو بكر بن العربي وأكثرية الفقهاء والأصوليين (١): يخير السائل في سؤال من شاء من العلماء سواء أتساووا أم تفاضلوا، أي أنه يجوز تقليد المفضول مع وجود الأفضل في العلم لعموم قوله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون} [الأنبياء:٧/ ٢١]، ولإجماع الصحابة: وهو أن الصحابة كان فيهم الفاضل والمفضول من المجتهدين، وكان فيهم العوام، ولم ينقل عن أحد من الصحابة تكليف العوام بالاجتهاد في أعيان المجتهدين، ولو كان التخيير غير جائز لما تطابق الصحابة على عدم إنكاره. قال الآمدي حاكياً هذا الإجماع (٢):

إن الصحابة كان فيهم الفاضل والمفضول من المجتهدين، فإن الخلفاء الأربعة كانوا أعرف بطريق الاجتهاد من غيرهم، ولهذا قال عليه السلام: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ» وقال عليه السلام: «أقضاكم علي، وأفرضكم زيد، وأعرفكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل» وكان فيهم العوام ومن فرضه الاتباع للمجتهدين والأخذ بقولهم لاغير. ومع ذلك لم ينقل عن أحد من الصحابة والسلف تكليف العوام الاجتهاد في أعيان المجتهدين، ولا أنكر أحد منهم اتباع المفضول، والاستفتاء له، مع وجود الأفضل.

ولو كان ذلك غير جائز، لما جاز من الصحابة التطابق على عدم إنكاره والمنع منه.

ولولا


(١) قال ابن عابدين في حاشيته نقلاً عن التحرير وشرحه: وبه قال الحنفية والمالكية وأكثر الحنابلة والشافعية. وفي آخر فتاوى ابن حجر: الأصح لدى أئمة الشافعية إن المقلد يتخير في تقليد أي شاء من العلماء ولو مفضولا ً وإن اعتقده كذلك. وحينئذ فلا يمكن أن يقطع أو يظن أنه ـ أي المجتهد ـ على الصواب، بل على المقلد أن يعتقد أن ما ذهب إليه إمامه يحتمل أنه الحق (حاشية ابن عابدين: ٤٥/ ١).
(٢) الإحكام للآمدي: ١٧٣/ ٣ومابعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>