للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله لكني سكت، قال المنذري: يريد لم أتكلم لكني سكت. من خشية الله، ومنه تشميت العاطس، ورد السلام ومنه الدعاء بما يشبه كلام الناس، غير أن للفقهاء تفصيلات في ذلك يحسن إيرادها:

قال الحنفية (١): تفسد الصلاة بالكلام عمداً أو سهواً، أو جاهلاً، أو مخطئاً، أو مكرهاً، على المختار، وذلك بالنطق بحرفين أو حرف مفهم، مثل (عِ) و (قِِ)، وكما لو سلم على إنسان، أو رد السلام بلسانه، لا بيده، ويكره ذلك على المعتمد، أو شمَّت عاطساً، أو نادى إنساناً بقوله (يا) ولو ساهياً، لكن لو سلم ساهياً للخروج من الصلاة قبل إتمامها على ظن إكمالها، فلا تفسد الصلاة، ولو صافح بنية السلام، تفسد، لأنه عمل كثير. ولو استعطف كلباً أو هرة أو ساق حماراً بما ليس من حروف الهجاء لا تفسد صلاته؛ لأنه صوت لا هجاء له.

ومن ارتفع بكاؤه لمصيبة بلغته، فسدت صلاته، لأنه تعرض لإظهارها.

وتبطل بالتنحنح بحرفين بلا عذر، فإن وجد عذر، كأن نشأ من طبعه فلا تفسد، كما لا تفسد إن كان لغرض صحيح كتحسين الصوت، أو ليهتدي إمامه إلى الصواب، أو للإعلام أنه في الصلاة، فلا فساد على الصحيح، وهكذا فإن التنحنح عن عذر لا يفسد الصلاة. وتفسد بالدعاء بما يشبه كلام الناس: وهو ما ليس في القرآن ولا في السنة، ولا يستحيل طلبه من العباد، وبالأنين (هو قوله: أه)، والتأوه (هو قوله: آه) والتأفف (أف أو تف)، والبكاء بصوت يحصل به حروف، لوجع أو مصيبة في الحالات الأربع الأخيرة، إلا لمرض لا يملك نفسه عن أنين وتأوه؛ لأنه حينئذ كعطاس وسعال وجشاء وتثاؤب، وإن ظهرت حروف للضرورة.


(١) الدر المختار: ٥٧٤/ ١ - ٥٩٣، البدائع: ٢٢٠/ ١، ٢٣٢ - ٢٤٢، فتح القدير: ٢٨٠/ ١ - ٢٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>