للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدُنيا يصيبها أو امرأة ٍ ينكِحُها، فهجرتُه إلى ما هاجر إليه».

والمراد بالأعمال: أعمال الطاعات والأعمال الشرعية، دون أعمال المباحات. وقد دل الحديث على اشتراط النية في العبادات، لأن كلمة (إنما) للحصر، تثبت المذكور وتنفي ماسواه، وليس المراد صورة العمل، فإنها توجد بلا نية، وإنما المراد أن حكم العمل لا يثبت إلا بالنية، ومعناه لا يعتد بالأعمال الشرعية بدون النية، مثل الوضوء والغسل والتيمم، وكذلك الصلاة والزكاة والصوم والحج والاعتكاف وسائر العبادات. فأما إزالة النجاسة فلا تحتاج إلى نية؛ لأنها من باب التروك، والترك لا يحتاج إلى نية.

وفي قوله: (إنما الأعمال بالنيات) محذوف، اختلف العلماء في تقديره، فقال جمهور العلماء (غير الحنفية) الذين اشترطوا النية: المراد إما صحة الأعمال، أو تصحيح الأعمال أو قبول الأعمال، ويكون التقدير: صحة الأعمال بالنيات، فالنية شرط صحة، لا تصح الوسائل من وضوء وغسل وغيرهما، والمقاصد من صلاة وصوم وحج وغيرها إلا بها.

وقال الحنفية الذين لم يشترطوا النية في الوسائل: المراد كمال الأعمال ويكون تقديرهم كمال الأعمال بالنيات، فالنية شرط كمال فيها، لتحصيل الثواب فقط.

وقوله: (وإنما لكل امرئ ما نوى) يدل على أمرين:

الأول ـ قال الخطابي: يفيد معنى خاصاً غير الأول، وهو تعيين العمل بالنية وقال النووي: فائدة ذكره أن تعيين العبادة المنوية شرط لصحتها. فلو كان على

<<  <  ج: ص:  >  >>