للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنسان صلاة مقضية، لا يكفيه أن ينوي الصلاة الفائتة، بل يشترط أن ينوي كونها ظهراً أو عصراً أو غيرهما، ولولا هذا اللفظ الثاني، لاقتضى الأول صحة النية بلا تعيين، أو أوهم ذلك.

الثاني ـ أنه لا تجوز النيابة في العبادات ولا التوكيل في النية نفسها. وقد استثني من ذلك تفرقة الزكاة وذبح الأضحية، فيجوز التوكيل فيهما في النية والذبح والتفرقة، مع القدرة على النية، وكذلك يجوز التوكيل في دفع الدَّين (١).

وآخر هذا الحديث أبان سببه، روى الطبراني في معجمه الكبير بإسناد رجاله ثقات، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كان فينا رجل خطب امرأة يقال لها: أم قيس، فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر، فهاجر، فتزوجها، فكنا نسميه: مهاجر أم قيس.

والخلاصة: دل هذا الحديث على عدة أمور منها:

أـ لا يكون العمل شرعياً يتعلق به ثواب وعقاب إلا بالنية.

ب ـ تعيين المنوي وتمييزه عن غيره شرط في النية، فلا يكفي أن ينوي الصلاة، بل لابد باتفاق العلماء من تعيينها بصلاة الظهر أو العصر أو الصبح مثلاً.

جـ ـ من نوى عملاً صالحاً، فمنعه من تنفيذه عذر قاهر كالمرض أوالوفاة، فإنه يثاب عليه؛ لأن من همَّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، ومن همَّ بسيئة فلم يعملها، لم تكتب له سيئة، قال السيوطي: من عزم على المعصية ولم يفعلها أو لم يتلفظ بها لا يأثم (٢)، لقوله صلّى الله عليه وسلم فيما يرويه الأئمة الستة عن أبي هريرة: «إن الله تعالى تجاوز لأمتي عما حدّثت بها أنفسها، مالم تتكلم به أو تعمل به».


(١) المجموع:٣٦١/ ١ ومابعدها، شرح الأربعين النووية للنووي: ص٥ - ٧، ولابن دقيق العيد: ص ١٣ - ١٤.
(٢) الأشباه والنظائر للسيوطي: ص ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>