للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معه، فنوى إمامة صح في النفل، عملاً بحديث ابن عباس، وهو أنه قال: «بتُّ عند خالتي ميمونة، فقام النبي صلّى الله عليه وسلم متطوعاً من الليل، فقام إلى القربة، فتوضأ، فقام، فصلى، فقمت لما رأيته صنع ذلك، فتوضأت من القربة، ثم قمت إلى شقه الأيسر، فأخذ بيدي من وراء ظهره يعدلني كذلك إلى الشق الأيمن» (١).

أما في الفريضة: فإن كان المصلي ينتظر أحداً، كإمام المسجد، فإنه يُحرم وحده، وينتظر من يأتي، فيصلي معه، فيجوز ذلك أيضاً عند الحنابلة؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم أحرم وحده، ثم جاء جابر وجبارة، فأحرما معه، فصلى بهما، ولم ينكر فعلهما. والظاهر أنها كانت صلاة مفروضة؛ لأنهم كانوا مسافرين. أما في غير هذه الحالة، فلا يصح الاقتداء لمن لم ينو الإمامة.


(١) متفق عليه.
وأما نية المؤتم الاقتداء: فهي شرط باتفاق المذاهب، فلا يصح اقتداء بإمام إلا بنية، أي أن ينوي المأموم مع تكبيرة الإحرام الاقتداء أو الجماعة أو المأمومية، فلو ترك هذه النية أو مع الشك فيها، وتابعه في الأفعال، بطلت صلاة المقتدي، ولايجب تعيين الإمام باسمه، فإن عينه وأخطأ، بطلت صلاته عند الشافعية. لكن لا بد من تعيين إمام معين بصفة الإمامة، فلو نوى الائتمام بأحد رجلين يصليان، لابعينه، لم يصح، حتى يعين الإمام بوصفه؛ لأن تعيينه شرط. ولا يجوز الائتمام بأكثر من واحد، فلو نوى الائتمام بإمامين لم يجز؛ لأنه لا يمكن اتباعهما معاً.
وشرط النية في القدوة أن تكون مقارنة للتحريمة عند الشافعية. وأجاز الحنفية أن تكون متقدمة على التحريمة، بشرط ألا يفصل بينها وبين التحريمة فاصل أجنبي. والأفضل عندهم وعند الحنابلة: أن تكون النية مقارنة، خروجاً من الخلاف. والخروج من الخلاف مستحب.
واشترط المالكية المقارنة للتحريمة أو قبلها بزمن يسير، كاشتراط النية في الصلاة، كما بينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>