للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الإمام بالإجماع، فيؤدي إلى تفويته. وأما على مذهبنا فيمكنه صرفه إليهم، ولو كان درهماً.

وتخصص كلمة «في الرقاب» بالمكاتبين لعدم وجود قرينة لصرف الزكاة إلى القن، وقد وجدت القرينة في الكفارة بالعبد القن، وهي أن التحرير لا يكون إلا في القن، ولم توجد هذه القرينة في مسألتنا، فحملناه على المكاتبين لما ذكرناه أولاً (١).

وخلاصة هذا الدليل اشتراط التمليك لمستحق الزكاة، وهذا يتصور في المكاتب دون العبد القن (الخالص العبودية) فلا تصرف الزكاة في الإعتاق، أي إعتاق الرقبة من الزكاة، وإنما يعان المكاتبون من الزكاة على الكتابة. ويلاحظ أن اختلاف التعبير بين الأصناف الأربعة الأولى وبين الأربعة الأخيرة دليل على عدم اشتراط التمليك المطلق في الأخيرة كما ذكر الرازي.

٢ - إن عتق الرقبة لا يسمى صدقة، وما أعطي في ثمن الرقبة فليس بصدقة، لأن بائعها أخذه ثمناً لعبد، فلم تحصل بعتق الرقبة صدقة، والله تعالى إنما جعل الصدقات في الرقاب، فما ليس بصدقة فهو غير مجزئ (٢).

وأيضاً فإن الصدقة تقتضي تمليكاً، والعبد لم يملك شيئاً بالعتق، وإنما سقط عن رقبته، وهو ملك للمولى، ولم يحصل ذلك الرق للعبد، لأنه لو حصل له، لوجب أن يقوم فيه مقام المولى، فيتصرف في رقبته، كما يتصرف المولى، فثبت أن الذي حصل للعبد إنما هو سقوط ملك المولى، وإنه لم يملك بذلك شيئاً، فلا يجوز أن يكون ذلك مجزياً من الصدقة، إذ شرط الصدقة وقوع الملك للمتصدق عليه.


(١) شرح المجموع:١٤٦/ ٦ - ١٤٧.
(٢) أحكام القرآن للجصاص الرازي: ١٣٥/ ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>