للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضاً فإن العتق واقع في ملك المولى غير منتقل إلى الغير، ولذلك ثبت ولاؤه منه، فغير جائز وقوعه عن الصدقة. ولما قامت الحجة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن الولاء لمن أعتق،

وجب ألا يكون الولاء لغيره، فإذا انتفى أن يكون الولاء إلا لمن أعتق، ثبت أن المراد به المكاتبون (١). والجواب عن اشتراط التمليك ذكر سابقاً.

٣ - روى عبد الرحمن بن سهل بن حنيف عن أبيه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «من أعان مكاتباً في رقبته أو غازياً في عسرته، أو مجاهداً في سبيله، أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله» فثبت بذلك أن الصدقة على المكاتبين معونة لهم في رقابهم حتى يعتقوا، وذلك موافق لقوله تعالى: {وفي الرقاب} [التوبة:٦٠/ ٩].

فلما قال: {وفي الرقاب} [التوبة:٦٠/ ٩] كان الأولى أن يكون في معونتها بأن يعطى المكاتب حتى يفك العبد رقبته من الرق، وليس هو ابتياعها وعتقها؛ لأن الثمن حينئذ يأخذه البائْع، وليس في ذلك قربة (٢)، وإنما القربة في أن يعطى العبد نفسه حتى يفك به رقبته، وذلك لا يكون إلا بعد الكتابة، لأنه قبلها يحصل للمولى، وإذا كان مكاتباً فما يأخذه لا يملكه المولى، وإنما يحصل للمكاتب، فيجزي من الزكاة (٣).

٤ - إن عتق الرقبة يسقط حق المولى عن رقبته من غير تمليك، ولا يحتاج فيه إلى إذن المولى، فيكون بمنزلة من قضى دين رجل بغير أمره، فلا يجزي من زكاته، وإن دفعه إلى الغارم، فقضى به دين نفسه، جاز، كذلك إذا دفعه إلى المكاتب،


(١) المرجع والمكان السابق.
(٢) وهذا كلام عجيب، أليس بذل المال في سبيل إعتاق الرقيق من أعظم القربات عند الله تعالى؟ قال الله تعالى: {وما أدراك ما العقبة؟ فك رقبة} [البلد:١٢/ ٩٠ - ١٣].
(٣) المرجع السابق ....

<<  <  ج: ص:  >  >>