للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام (١)، فاستقبل القبلة، فدعاه وكبَّره وهلَّله ووحدَّه، فلم يزل واقفاً حتى أسفر (٢) جداً، فدفع قبل أن تطلع الشمس، وأردف الفضل بن عبَّاس، وكان رجلاً حسن الشَّعْر أبيض وسيماً (٣)، فلما دفع رسول الله صلّى الله عليه وسلم، مرَّت به ظُعُن (٤) يجرين، فطفِق الفضل ينظر إليهن، فوضع رسول الله صلّى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل (٥)، فحوَّل الفضل وجهه إلى الشق الآخر، فحوَّل رسول الله صلّى الله عليه وسلم يده من الشق الآخر على وجه الفضل، يصرف وجهه من الشق الآخر ينظر، حتى أتى بطن مُحَسِّر (٦)، فحرَّك قليلاً.

ثم سلك الطريق الوسطى (٧) التي تخرج على الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة (٨). فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الخَذْف (٩)، رمى من بطن الوادي.

ثم انصرف إلى المنحر، فنحر ثلاثاً وستين بيده، ثم أعطى علياً، فنحر ما


(١) هو جبل معروف في المزدلفة وهو قُزَح، وقال جمهور المفسرين وأهل السير والحديث: المشعر الحرام جميع المزدلفة.
(٢) يعود الضمير إلى الفجر ومعناه إسفاراً بليغاً.
(٣) أي حسناً والمقصود أنه بصفة من تفتتن النساء به لحسنه.
(٤) الظعن جمع ظعينة، وأصل الظعينة، البعير الذي عليه امرأة، ثم تسمى به المرأة مجازاً لملابستها البعير.
(٥) فيه الحث على غض البصر عن الأجنبيات وغضهن عن الرجال الأجانب.
(٦) سمي بذلك لأن فيه أصحاب الفيل حسر فيه أي أعيا وكل.
(٧) فيه أن سلوك هذا الطريق في الرجوع من عرفات سنة.
(٨) الجمرة الكبرى: هي جمرة العقبة وهي التي عند الشجرة، وفيه أن السنة البدء بهذه الجمرة، ولا يفعل شيئاً قبل رميها.
(٩) هو نحو حبة الباقلاء، وينبغي ألا تكون أكبر ولا أصغر، بشرط كونها حجراً وهو رأي الجمهور، جوز أبو حنيفة الرمي بكل ما كان من أجزاء الأرض ولو من المعادن.

<<  <  ج: ص:  >  >>