أما حقوق الله تعالى: فتصح من الصبي المميز كالإيمان والكفر (١) والصلاة والصيام والحج، ولكن لا يكون ملزماً بأداء العبادات إلا على جهة التأديب والتهذيب، ولا يستتبع فعله عهدة في ذمته، فلو شرع في صلاة لا يلزمه المضي فيها، ولو أفسدها لا يجب عليه قضاؤها.
وأما حقوق العباد فعند الشافعي وأحمد: تعد عقود الصبي وتصرفاته باطلة.
وأما عند الحنفية: فإن تصرفاته المالية أقسام ثلاثة: نافعة نفعاً محضاً وضارة ضرراً محضاً، ودائرة بين النفع والضرر، على النحو السابق الذي تقدم.
وأهلية الأداء الكاملة: هي صلاحية الشخص لمباشرة التصرفات على وجه يعتد به شرعاً دون توقف على رأي غيره. وتثبت لمن بلغ الحلم عاقلاً أي للبالغ الرشيد، فله بموجبها ممارسة كل العقود، من غير توقف على إجازة أحد.
والبلوغ يحصل إما بظهور علامة من علاماته الطبيعية كاحتلام الولد (أي الإنزال) ومجيء العادة الشهرية (الحيض) عند الأنثى، أو بتمام الخامسة عشرة عند جمهور الفقهاء غير أبي حنيفة لكل من الفتى والفتاة، وعليه الفتوى والعمل، جاء في المادة (٩٨٥ مجلة): «يثبت حد البلوغ بالاحتلام والإحبال والحيض والحبل» ونصت المادة (٩٨٦ مجلة): «على أن منتهى البلوغ خمس عشرة سنة».
وقدر أبو حنيفة سن البلوغ بثماني عشرة سنة للفتى وسبع عشرة سنة للفتاة.
(١) اختلف الفقهاء في صحة الكفر من الصبي بالنسبة لأحكام الدنيا مع اتفاقهم على اعتبار الكفر منه في أحكام الآخرة. فعند أبي حنيفة ومحمد: تعتبر منه ردته، فيحرم من الميراث وتبين امرأته. وعند أبي يوسف والشافعي: لا يحكم بصحة ردته في أحكام الدنيا، لأن الارتداد ضرر محض لا يشوبه منفعة، فلا يصح من الصبي ولا يحرم من الإرث ولا تبين منه امرأته بالردة.