للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتساومان والمتشاغلان بأمر البيع، والمراد بالتفرق التفرق بالأقوال: وهو أن يقول الآخر بعد الإيجاب: لا أشتري، أو يرجع الموجب قبل القبول، فالخيار قبل القبول ثابت. ورد بعضهم هذا الحديث لمعارضته لآية {إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} [النساء:٢٩/ ٤] وآية {أوفوا بالعقود} [المائدة:١/ ٥] وقال بعضهم: إنه منسوخ.

يظهر من هذا أن خيار المجلس مقصور عند هؤلاء على ما قبل تمام العقد، فإذا أوجب أحد المتعاقدين، فالآخر بالخيار: إن شاء قبل في المجلس، وإن شاء رد، وهذا هو خيار القبول (١) وخيار الرجوع.

وقال الشافعية والحنابلة وسفيان الثوري وإسحاق: إذا انعقد البيع بتلاقي الإيجاب والقبول، يقع العقد جائزاً أي غير لازم، ما دام المتعاقدان في المجلس، ويكون لكل من المتبايعين الخيار في فسخ البيع أو إمضائه ما دام مجتمعين لم يتفرقا أو يتخايرا، والمحكَّم في التفرق: العرف (٢): وهو أن يتفرقا عن مقامهما الذي تبايعا فيه.


(١) البدائع: ٥ ص ١٣٤، فتح القدير: ٥ ص ٧٨، بداية المجتهد: ٢ ص ١٦٩ ومابعدها، حاشية الدسوقي: ٣ ص ٨١،المنتقى على الموطأ: ٥ ص ٥٥، القوانين الفقهية: ص ٢٧٤، كشاف القناع: ١٨٧/ ٣، ط مكة.
(٢) مغني المحتاج: ٢ ص ٤٣، ٤٥، المغني: ٣ ص ٥٦٣، المهذب: ١ ص ٢٥٧. قال بعض الحنابلة: يختلف العرف في التفرق باختلاف مواضع البيع:: ففي فضاء واسع أو سوق: يكون التفرق بمشي أحد العاقدين مستدبراً لصاحبه خطوات بحيث لا يسمع كلامه المعتاد، وفي السفينة بصعود أحدهما لأعلاها، أونزوله لأسفلها، وفي قارب صغير بخروج أحدهما منه ويمشي، وفي دار كبيرة بخروجه من بيت أو مجلس لآخر، وفي دار صغيرة بصعود أحدهما السطح أو خروجه منها. ولا يحصل التفرق ببناء حائط بين العاقدين، ولا إن ناما أو مشيا جميعاً (راجع غاية المنتهى: ٢ ص ٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>