للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يَضْمن، ولا بيع ما ليس عندك» (١).

واختلف في تفسير البيعتين في بيعة: فقال الشافعي: «له تأويلان: أحدهما ـ أن يقول: بعتك بألفين نسيئة، وبألف نقداً، فأيهما شئت أخذت به، على أن البيع قد لزم في أحدهما وهذا بيع فاسد (أي باطل) لأنه إبهام وتعليق. والثاني ـ أن يقول: (بعتك منزلي على أن تبيعني فرسك).

وحكمة منع صورة الصفقة الأولى هو اشتمالها على غرر بسبب الجهل بمقدار الثمن، فإن المشتري لا يدري وقت تمام العقد هل الثمن عشرة مثلاً أو خمسة عشر.

ومن الحكمة في تحريم العقد الثاني منع استغلال حاجات الآخرين، وذلك في حالة كون المشتري مضطراً إلى شراء شيء، فيكون اشتراط البائع عليه في شراء شيء منه من قبيل الاستغلال مما يؤدي إلى فوات حقيقة الرضا في هذا العقد، ثم إن فيه غرراً أيضاً لا يدري البائع هل يتم البيع الثاني أو لا.

واختلف في تفسير الشرطين في بيع: فقيل: هو أن يقول: بعت هذا نقداً بكذا، وبكذا نسيئة. وقيل: هو أن يشترط البائع على المشتري ألا يبيع السلعة ولايهبها. وقيل: هو أن يقول: بعتك هذه السلعة بكذا على أن تبيعني السلعة الفلانية بكذا» (٢) وقيل في تفسير ذلك: هو أن يسلفه ديناراً في قفيز حنطة إلى


(١) أخرجه أصحاب السنن، ورواه أحمد أيضاً عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (عبد الله بن عمرو ابن العاص) قال الترمذي: «حديث حسن صحيح» واختصره ابن ماجه، فذكر منه: «ربح مالم يضمن، وبيع ماليس عندك» فقط. والمراد بربح مالم يضمن: أنه لايجوز أن يأخذ ربح سلعة لم يضمنها، مثل: أن يشتري سلعة ويبيعها إلى آخر قبل قبضها من البائع الأول، فهذا البيع باطل، وربحه لايجوز، لأن المبيع في ضمان البائع الأول، وليس في ضمان المشتري (انظر نصب الراية: ١٨/ ٤، نيل الأوطار: ١٧٩/ ٥).
(٢) المنتقى على الموطأ: ٣٦/ ٥، نيل الأوطار: ١٥١/ ٥ - ١٥٣، سبل السلام: ١٦/ ٣ ومابعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>