للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهر، فلما حل الأجل وطالبه بالحنطة قال: بعني القفيز الذي لك علي إلى شهرين بقفيزين، فصار ذلك بيعتين في بيعة؛ لأن البيع الثاني قد دخل على الأول، فيرد إليه أو كسهما (أنقصهما) وهو الأول.

وبهذا يظهر أن البيعتين في بيعة والشرطين في بيع واحد بمعنى واحد. وقد اختلف العلماء في حكمه.

قال الحنفية: البيع فاسد؛ لأن الثمن مجهول، لما فيه من تعليق وإبهام دون أن يستقر الثمن على شيء: هل حالاً أو مؤجلاً. فلو رفع الإبهام وقبل على إحدى الصورتين، صح العقد (١). والعلة في تحريم بيعتين في بيعة: عدم استقرار الثمن في صورة بيع الشيء الواحد بثمنين، والتعليق بالشرط المستقبل في صورة بيع هذا على أن يبيع منه ذاك، ولزوم الربا في صورة بيع قفيز الحنطة.

وقال الشافعية والحنابلة: إن هذا العقد باطل؛ لأنه من بيوع الغرر بسبب الجهالة، لأنه لم يجزم البائع ببيع واحد، فأشبه مالو قال: بعتك هذا أو هذا، ولأن الثمن مجهول، فلم يصح كالبيع بالرقم المجهول، ولأن أحد العوضين غير معين ولامعلوم، فلم يصح كما لو قال: بعتك أحد منازلي (٢).

وقال مالك: يصح هذا البيع، ويكون من باب الخيار، فيذهب العقد على إحدى الحالتين، وهومحمول على أنه جرى بينهما بعدئذ مايجري في العقد، فكأن المشتري قال: أنا آخذه بالنسيئة بكذا، فقال: خذه، أو قد رضيت، ونحو ذلك


(١) البدائع: ١٥٨/ ٥، رد المحتار: ٣٠/ ٤.
(٢) المهذب: ٢٦٧/ ١، مغني المحتاج: ٣١/ ٢، المغني: ٢٣٤/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>