للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التسليم بنفسه؛ لأنه سهم شائع ضمن كل، وإنما يتصور تسليمه مع غيره وهو غير معقود عليه، فلا يتصور تسليمه شرعاً. وأما الإجارة من الشريك فهي جائزة على الرواية المشهورة عن أبي حنيفة؛ لأن المعقود عليه مقدور الاستيفاء بدون المهايأة، إذ منفعة كل الدار تحدث مثلاً على ملك المستأجر لكن بسببين مختلفين: بعضها بسبب الملك، وبعضها بسبب الإجارة. وأما الشيوع الطارئ فلا يؤثر على الإجارة في الروية المشهورة عن أبي حنيفة أيضاً؛ لأن المانع من جواز العقد وهو الشيوع كان بسبب عدم القدرة على التسليم، والقدرة على التسليم ليست بشرط لبقاء العقد ودوامه، إذ ليس كل ما يشترط في إنشاء العقد عند ابتدائه يشترط لبقاء العقد (١).

وقال الصاحبان وجمهور الفقهاء: تجوز إجارة المشاع مطلقاً من الشريك وغيره؛ لأن للمشاع منفعة، والتسليم ممكن بالتخلية أو بالتهايؤ، كما يجوز ذلك في البيع، والإجارة أحد نوعي البيع (٢).

ويترتب على اشتراط القدرة على الاستيفاء عند الحنفية مسائل:

أـ لو استأجر إنسان طريقاً في دار غيره ليمر فيها وقتاً معلوماً لم يجز عند أبي حنيفة، ويجوز في قول الصاحبين؛ لأن إجارة المشاع فاسدة عند الإمام، وجائزة عند الصاحبين.

ب ـ لو استأجر شخص أرضاً فيها رطبة (٣) (فصفصة) لمدة سنة مثلاً فلا تجوز الإجارة، وإنما تقع فاسدة، لأنه لا يمكن تسليم الأرض إلا بإحداث ضرر، وهو قلع الرطبة، والإنسان لا يجبر على إلحاق الضرر بنفسه، فلم تكن المنفعة مقدورة


(١) تكملة فتح القدير مع العناية: ٧ ص ١٨٠، البدائع: ٤ ص ١٨٧، تبيين الحقائق: ٥ ص ١٢٥، رد المحتار على الدر المختار: ٥ ص ٣٢، غاية المنتهى: ٢ ص ١٩٧، الشرح الكبير: ٤ ص ١٩.
(٢) بداية المجتهد: ٢ ص ٢٢٥، الميزان: ٢ ص ٩٦، المهذب: ١ ص ٣٩٥.
(٣) الرطبة ـ بفتح الراء: الفصة، فإذا يبست فهي قت (الجت).

<<  <  ج: ص:  >  >>