للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستيفاء شرعاً، فلم تجز. فإن قلع صاحب الأرض الرطبة، وسلم الأرض بيضاء، جاز العقد، لأن المانع قد زال، مثل أن يشتري إنسان جذعاً في سقف إذا نزعه البائع وسلمه إلى المشتري جاز العقد، ويجبر المشتري على القبول في الحالتين.

جـ ـ لو استأجر شخص رجلاً للقيام بالبيع والشراء، فلا تجوز الإجارة؛ لأن البيع والشراء لا يتم بشخص واحد، بل بعاقدين هما البائع والمشتري، وذلك غير مقدور للشخص، فتفسد الإجارة على هذه المهمة، إذ أن الأجير لا يقدر على إيفاء المنفعة بنفسه، والمستأجر لا يقدر بالتالي على الاستيفاء، فصار العقد، كما لو استأجر رجلاً ليحمل خشبة بنفسه، وهو لا يقدر على حملها بنفسه.

فإن عين المستأجر للقيام بمهمة البيع والشراء مدة، كأن استأجره شهراً ليبيع له ويشتري، جاز العقد؛ لأن الإجارة وقعت على منفعة المدة، وهي معلومة.

د ـ لا يصح استئجار الفحل للإنزاء، واستئجار الكلب المعلم، والبازي المعلم للاصطياد؛ لأن المنفعة غير مقدورة الاستيفاء في حق المستأجر إذ لا يمكن إجبار الفحل على الضراب والإنزال، ولا إجبار الكلب والبازي على الصيد.

هذا رأي جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة (١)؛ لأن الرسول صلّى الله عليه وسلم نهى عن عسب الفحل أي أجرة ضرابه (٢). وأجاز الإمام مالك العقد إذا كانت الإجارة على مدة معلومة تشبيهاً للمذكور بسائر المنافع (٣).


(١) تكملة فتح القدير: ٧ ص ١٧٩، البدائع: ٤ ص ١٨٩، رد المحتار على الدر المختار: ٥ ص ٣٨، المغني: ٥ ص ٥٠٠، المهذب: ١ ص ٣٩٤، مغني المحتاج: ٢ ص ٣٣٥، غاية المنتهى: ٢ ص ١٩٧.
(٢) أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وأحمد عن ابن عمر، وروي أيضاً عن عدة من الصحابة مثل أنس وابن عباس وعلي وأبي هريرة. وفي بعض ألفاظه: «نهى النبي صلّى الله عليه وسلم عن ثمن عسب الفحل» (انظر نصب الراية: ٤ ص ١٣٥، نيل الأوطار: ٥ ص ١٤٦).
(٣) بداية المجتهد: ٢ ص ٣٢٢، القوانين الفقهية: ص ٢٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>