للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتدخل الحاكم المسلم في ملكيات الأفراد في دائرة منع الضرر: «أنه كان لسمرة بن جندب نخل في بستان رجل من الأنصار، وكان يدخل هووأهله فيؤذي صاحب الأرض، فشكا الأنصاري ذلك إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال الرسول لصاحب النخل: بعه: فأبى: فقال الرسول صلّى الله عليه وسلم فاقطعه، فأبى، قال: فهبه ولك مثله في الجنة فأبى، فالتفت رسول إليه، وقال: أنت مضار، ثم التفت إلى الأنصاري، وقال، اذهب فاقلع نخله» (١) ففي هذه الحادثة مايدل على أن النبي صلّى الله عليه وسلم لم يحترم الملكية المعتدية.

ومن الأمثلة أيضاً: (أن رجلاً اسمه الضحاك بن خليفة أراد أن يمر بماء له في أرض محمد بن مَسْلمة، فأبى، فاشتكى الضحاك إلى عمر فدعا محمد بن مسلمة فأمره أن يخلي سبيل جاره، فقال محمد: لا، فقال عمر: لم تمنع أخاك ماينفعه، وهو لك نافع، تسقي به أولاً وآخراً وهو لايضرك، فقال محمد: لا والله، فقال عمر: والله ليمرن به ولو على بطنك) (٢) ففي هذه الواقعة مايدل على أنه لايكفي الامتناع عن الضرر، بل يجب على المسلم في ملكه أن يقوم بما ينفع غيره، مادام لاضرر عليه فيه ..

وعندما حمى عمر رضي الله عنه أرضاً بالرَّبَذَة قرب المدينة، قال: «المال مال الله والعباد عباد الله، والله لولا ما أحمل في سبيل الله ما حميت من الأرض شبراً في شبر» فهذا يدل على أن تخصيص بعض الأراضي للمصلحة العامة أمر جائز، وأن نزع الملكية لضرورة المصلحة العامة للجماعة أو لدفع الحرج عن الناس لا مانع منه شرعاً ..


(١) رواه محمد الباقر عن أبيه علي زين العابدين.
(٢) أخرجه الإمام مالك في الموطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>